محمد الحلواجي
ترجم محمد المطروشي عشقه للخيول العربية الأصيلة بإنشاء مربط لإنتاجها، لاسيما وأنه دارس لأنسابها وحافظ لها، ودعم المطروشي هوايته بالقراءة والاطلاع والانخراط في دورات متخصصة حتى أصبح خبيرا في الخيل الأصيل وجماله وأساليب تناسله ليحفظ بذلك إرثا محليا وعربيا صنعه الأجداد.
(عجمان) – عشق محمد المطروشي الخيل العربية الأصيلة في عجمان، وإضافة لكونه جامعا ميدانيا في لجنة جرد التراث غير المادي التابعة لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، يقوم بتربية الخيل العربية الأصيلة ويحفظ أنسابها، وهو أيضا يملك ويدير مربط التراث للخيول العربية، بعد أن حصل على دورة في أساسيات تحكيم جمال الخيل العربي، ودورة في أسس الإنتـاج في الخيل العربية، إضافة إلى امتلاكه أرشيفاً لسلالات الخيل العربية الأصيلة وبرامجها الإنتاجية منذ العام 1898.
توثيق التراث عن هواياته، يقول المطروشي، النجل الأكبر للباحث علي المطروشي مدير متحف عجمان إنها “عديدة وأهمها تربية الخيل العربية وحفظ أنسابها، إلى جانب جمع وتوثيق التراث”. ويضيف “كنت متدرباً في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في المرحلة الإعدادية، وأمتلك مكتبة شخصية تضم العديد من مراجع وكتب الخيل العربية والتراث. ويتابع “أحببت الخيل منذ طفولتي وأتذكر حينما أخذني خالي سلطان السويدي عندما كنت طفلاً صغيراً إلى نادي عجمان للفروسية وأركبني أحد الجياد وكان لونه أشهب فتشبثت بشعر عرفه، وقد قضيت أجمل أوقاتي في اسطبلات المطروشي المملوكة لابن عم والدي حميد المطروشي الذي أفخر بكونه أحد المؤسسين لرياضة الفروسية في إمارة عجمان.
كما أني ركبت خيوله العربية الأصيلة وشهدت ولادة أول جيل منها، ودخلت إلى نادي عجمان للفروسية عندما كنت في الصف الأول الثانوي وابتدأت التدريب النظامي حينها، وأول من دربني على رياضة الفروسية هو أستاذي الكابتن عبد الرؤوف محمد البلوشي أحد المدربين بوحـدة الخيالة بشرطة الشارقة سابقاً، والذي لم يبخل علي يوماً بأي شيء في مجال الخيل”.
ويوضح المطروشي “امتلكت أول رأس من الخيل العربية الأصيلة عام 2008، وهي فرس عربية أصيلة لونها أشهب، اسمها (أر. اس. بديهة) من إنتاج الإسطبلات الأميرية، وأول إنتاجها عندي ولد عام 2009 في نادي عجمان للفروسية، وهي مهرة جميلة لونها أسود أسميتها “صُحبة” وهي ابنة الفحل الأسود الجميل “الجمير” المملوك للشيخ عبد الله بن ماجد القاسمي، رئيس مجلس إدارة نادي الشارقة للفروسية والسباق الذي نعتبره الأب الروحي للفرسان وملاك الخيل الشباب، واليوم أمتلك مربطاً لإنتاج الخيل العربية الأصيلة أسميته “مربـط التراث للخيول العربية”.
منظمة «الواهـو»
عن بداية ولعه بسلالات الخيول العربية الأصيلة، يقول المطروشي “بدأ معي حفظ أنساب الخيل العربية الأصيلة منذ تعلمي الفروسية، فلطالما كنت أسمع بأسماء الخيل وآبائها فأشعر بشغف شديد لكي أعرف أجدادها وأصولها، فأخذت أقرأ في جوازات الخيل العربية ووثائق نسبها لكي أشبع شغفي بذلك.
كما كنت دائم السؤال لملاك الخيل عن خيولهم وأنسابها، وكثيراً ما كان أستاذي الكابتن عبد الرؤوف يوجهني ويرشدني إلى العديد من الأمور التي تخص الخيل العربية الأصيلة، لا سيما وأن الإمارات تعتبر إحدى أبرز الدول الأعضاء في منظمة “الواهـو”، وهي مجمع لكثير من سلالات الخيل العربية الأصيلة العالمية، حيث ابتدأ استيراد الخيل العربية الأصيلة بشكل منظم في الثمانينيات، حين قامت الإسطبلات الأميرية في أبوظبي باستيراد أوائل الخيول العربية الأصيلة من بريطانيا وهي الخيول “الكرابت” العربية الأصيلة التي يعود نسبها إلى خيول “الليدي آن بلانت” المشهورة الغنية عن التعريف، كما تم استيراد دفعة لا بأس بها من خيول مربط “تيرسك” الاتحادي في روسيا وهي نخبة الأفراس والفحول العربية الأصيلة ذوات التاريخ العريق والنتائج المتقدمة آنذاك، وتعتبر هذه المجموعة من الخيول هي النواة الأساسية لبرنامج الاستيلاد في الإسطبلات الأميرية”.
ويوضح “ثم توالى استيراد الدماء العربية الأصيلة من مختلف دول العالم المنتجة للخيل العربية الموثقة في سجلات أنساب معترف بها عالمياً من قبل منظمة “الواهـو”، كما كانت هناك أعـداد من الخيل العربية الأصيلة الإماراتية التي تم توثيقها من قبل المنظمة في بداية دخولها إلى الدولة، وقد تم ذكر أسمائها في الجـزء الأول لأنساب الخيل العربية في الإمارات، وللمزيد من الاطلاع يمكن للراغب أن يرجع إلى كتب انساب الخيل العربية الصادرة عن جمعية الإمارات للخيول العربية، التي تعد جهة التوثيق الرسمية للخيل العربية الأصيلة في الدولة”.
الأجواء الحارة
حول رعاية الخيل والحفاظ عليها في الأجواء الحارة، يقول المطروشي “تتم رعاية الخيل بشكل عام في الأجواء الحارة بطرق كثيرة منها الإسطبلات المفتوحة وذات التهوية الجيدة، والعناية بنظافة الخيل العامة ونظافة الإسطبل، أما الاسطبلات المكيفة فأنا شخصياً لا أحبذها لأنها تتنافى مع طبيعة معيشة الجواد العربي وهو العيش في بيئته الأصلية أي البيئة الصحراوية”، لافتا إلى أن غالبية حالات نفوق الخيل تقع في فصل الصيف، بسبب الإهمال وسوء العناية وقلة التدبير عند كثير من ملاك الخيل والعاملين في المرابط على حد سواء، أو بسبب الإصابة بالمغص الذي يسببه سوء تخزين الأعلاف، وطريقة تقديم الطعام للخيل.
ويقول المطروشي إن “إنتاج الخيل العربية الأصيلة في الدولة، انتقل نقلة كبيرة في السنين الأخيرة حتى صار قادراً على المنافسة في مسابقات جمال الخيل العربية الأصيلة العالمية، وأكبر مثال على ذلك بطلة العالم المهرة “نجـدة الزبير” ابنة البطل العالمي المشهور (مروان الشقب) أسطـورة الجمـال العربي الأصيل، وهي من إنتاج مربط الزبير، وهي أول إنتاج محلي يحوز البطولة العالمية في باريس عام 2009، وهذا دليل واضح وملموس في مستوى التحسن الذي طرأ على الإنتاج المحلي للخيل العربية الأصيلة في دولة الإمارات في مجال الجمال”.
ويشير المطروشي إلى أقدم الإسطبلات الرسمية المنتجة للخيل العربية الأصيلة في الدولة؛ فيقول “هي الإسطبلات الأميرية في أبوظبي وإسطبلات الشارقة الأميرية سابقاً اسطبلات القاسمي حالياً، والمملوكة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي يعتبر أحد أكبر المؤسسين لرياضة جمال الخيل العربية في الدولة”.
المربي الناجح
عن مواصفات المربي الناجح، وكيف يجب أن يكون التعامل مع الخيل، يقول المطروشي “حينما نتكلم عن مربي الخيل فهو من يمتهن إنتاج الخيل، أما عن المربين في الإمارات فليس هناك مرب يمتهن التربية بمعنى المهنة، ولكنهم يربونها بقصد الهواية والمحبة، وهذا ما أوقع الكثير منهم في أخطاء باستثناء مجموعة منهم اكتسبت الخبرة بمرور السنين، ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة منها عدم التفرغ للخيل، وقلة الوعي بثقافة الخيل عند بعضهم، وكان هذا للأسف قصورا من كثير من ملاك الخيل، ما جعله السبب الرئيس في تشويه صورة الإنتاج المحلي، في عيون الكثيرين من ملاك الخيل الذين لم يعودوا حافلين به حتى قيل عنه أنه “نسب بلا مضمون”، أما الآن وبفضل الجهود التي بُذلت من قبل جمعية الإمارات للخيول العربية بالتعاون مع منظمة الجواد العربي، أصبحت الدورات التثقيفية في مجالات الخيل العربية الأصيلة تقام سنوياً، وهي مفتوحة لمن يرغب من ملاك الخيل وهواتها برسوم رمزية، وصار الإقبال عليها ملحوظا”.
ويضيف “يجب أن يكون مربي الخيل على درجة كافية من الدراية بالخيل التي يمتلكها من حيث نسبها ومواصفاتها وما يناسبها من فحول، وهذا لا يتحقق إلا بالإقبال على الدورات التثقيفية في هذا المجال، كما يجب على المربي الناجح أن يخصص ما يكفي من وقته لخيوله ومربطه، وأن يكون العاملون في مربطه من سائسي خيل ومشرفين ذوي خبرة أيضاً”.