الأصالة|
كثيرون أغوتهم الخيول فرسموها، وأقاموا لها المعارض الفنية، حتى بات الكثير منا يعتقد أنه لم يعد هنا جديد يمكن تقديمه في هذا المجال. إلا ان الواقع يشير إلى عكس ذلك، فمازالت الخيول تمتلك الكثير من الجمال والسحر الذي يمكن أن يكشف عنه الفنان الحقيقي المالك لأدواته. وهو ما قدمه الفنان العراقي خالد المقدادي في معرضه «الموريات» الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في المسرح الوطني بأبوظبي، وافتتحه مساء الإثنين الماضي مدير ادارة الفنون في الهيئة عبدالله العامري.
في ما يقرب من 22 لوحة، تنوعت بين الحجمين المتوسط والكبير، يطالع زائر المعرض الذي يستمر حتى 24 مارس الجاري، الخيول تحتل كل اللوحات، تركض، تقفز، تستعرض جمالها وقوة عضلاتها، تتآلف وتتنافر وترقص أو حتى تقف ثابتة دون ان ينتقص ذلك من الحياة والحيوية والجمال الذي تفيض به اللوحات التي اتسمت بدقة شديدة في تجسيد الخيول، في شارداتها ووارداتها. في سكونها وحركتها.
وبرزت هذه الدقة بشكل واضح في توصيف تفاصيل التكوين الجسماني للخيل، وكأن المتلقي يقف في مسابقة لاستعراض جمال الخيول. هذه الدقة لم تفتقر إليها خلفية اللوحات أيضاً، فيشعر المشاهد بذرات الرمال تتطاير في الهواء على أثر ضربة من قدم أحد الخيول، بينما تناثرت شعيرات ذيله في الهواء. وفي لوحة أخرى تتصدر واجهة اللوحة ثلاثة خيول تقفز وقد أثارت عاصفة من الرمال خلفها في مشهد يكاد أن يشعر المشاهد بأن رائحة الرمال قد وصلت إلى انفه، في حين يجد المشاهد نفسه في حاجة للتوقف طويلاً امام التفاصيل التشريحية للخيول التي تعكس احترافية عالية في التصوير.
وقال المقدادي في حديثه لـ«الإمارات اليوم»: «أعتبر ان هذا المعرض يمثل استراحة فنان، حيث اتجه لرسم الخيول التي يجد فيها جمال وراحة نفسية ودرجات وجماليات عالية ليجد فيها فسحة ولو قصيرة من الأعمال التجريدية ذات المضامين الفلسفية التي تطغى على ما يقدمه من فن ولوحات، ليقدم بعض الجمال الذي ابتعدنا طويلاً عنه».
المقدادي الذي يمتلك تجربة تتميز بالتنوع في المدارس الفنية، والتقنيات التي يستخدمها في أعماله، واختلاف الرؤى الجمالية التي يطرحها، والموضوعات التي يتناولها، والتي تعبر عن الغنى البصري لديه، وتأثره بالطبيعة العراقية وغيرها من البيئات التي شاهدها خلال اسفاره المتعددة، أاشار إلى انه فضل تقديم أعماله في «الموريات» وفقاً للمدرسة الواقعية. لافتاً إلى ان اللوحات كافة رسمها خصيصا للمعرض، واستغرق في رسمها ما يقرب من خمسة أشهر. معتبراً ان الوقت كان ضيقاً جداً ولم يسمح له بتقديم كل ما كان يمكن تقديمه في هذا المجال، فمازال هناك الكثير من الأفكار للوحات وأعمال لم يتسع الوقت لتنفيذها.
واعتبر المقدادي انه رغم اقبال كثير من الفنانين على تناول الخيول كموضوع لأعمالهم، يظل دائماً هناك جديد مرهون برؤية الفنان وقدراته وأسلوبه، والدقة في تجسيد الخيل وتشريحها. ولذا تنوعت الأوضاع التي بدت فيها الخيول من الحركة الكاملة إلى السكون، ومن الخيل المفردة في اللوحة إلى الجماعات، أو اللوحة التي تروي قصة دون كلمات أو البورتريه. كما عمد الفنان إلى تجسيد الخيول في حجم أقرب إلى حجمها الطبيعي، وهو ما لم يتطرق إليه كثير من الفنانين الذين رسموا الخيل، كما قام بالتركيز على تفاصيل مهمة وإبرازها مثل العيون والحركة، وكذلك وقفة الخيول وعضلاتها في كل وضع تأخذه.