الأصالة | عبد العزيز بن عبيد الله القرشي
قرأت قبل أيام حوارا أُجري مع مربي الخيل العربية: فيليب باراسكيفيس، ونشره نادي الأصيل في عدد مايو ٢٠١٣م،
وترجمه: محمد سليمان أحمد الجزار تحت عنوان: (مقترحات فيليب باراسكيفيس حول إصلاحات حلبة العرض).
وليس مرادي -هنا- أن أتناول مضمون هذا الحوار وما دار فيه من أفكار قد أتفق مع بعضها وقد أختلف مع بعض، لكن مرادي هو الانطلاق من تلك الجملة التي فتح بها باراسكيفيس حواره، وذلك حين قال: “عندما بدأت رحلتي مبتدئًا مع تربية الخيل العربية، لم أجد كتابا واحدا يوجهني توجيها صحيحا من جميع الكتب المتاحة والمشهورة، ومن باب رد الجميل إلى السلالة، قررت أن أوفر للمبتدئين بديلا للوضع الراهن”.
فهذه المقولة صادرة عن شخص أمضى من عمره ما يقارب ثلاثين سنة في تربية الخيل العربية، وهي تعكس عمق الحاجة إلى المعرفة المتعلقة بالجواد العربي، تلك المعرفة التي كان باراسكيفيس يبحث عنها في أثناء مشواره مع الخيل العربية. والسؤال هنا: ما هي تلك المعرفة التي كان باراسكيفيس يبحث عنها لكي يبني من خلالها تصوره عن الخيل العربية؟
الذي أميل إليه أنه كان يبحث عن المعرفة العربية الأصيلة، التي تصله بالخيل العربية في أقدم عصورها، إذ لو كان يبحث عن المعرفة المتعلقة بالخيل العربية فحسب؛ لوجد في كتابات الرحالة والمستشرقين غُنْية، فهم رحلوا إلى بلاد العرب في العصر الحديث، وكتبوا عن خيلهم قدرا لا بأس به من المعرفة. والدليل على ذلك هو قوله: “لم أجد كتابا واحدا يوجهني توجيها صحيحا من جميع الكتب المتاحة والمشهورة”؛ فهو لم ينف وجود المعرفة، بل أشار إلى أنها كانت متاحة، وكان بعضها مشتهرا كذلك. فاعترافه بوجودها واعترافه بحيرته مع ذلك؛ يدل على أنه يريد معرفة أصيلة يطمئن إليها ويبني علاقته بالجواد العربي عليها.
وبهذا يمكن أن نفهم نفي باراسكيفيس لحصول الفائدة من تلك الكتب التي اطلع عليها في عصره، فهو لا يريد أن يحكم عليها بالخطأ المطلق -لأن ما ورد في تلك الكتب يُصدِّق غالب ما ورد عن العرب القدماء في وصف الخيل العربية- لكنه يريد أن يقول: كيف لي أن أُأَسس معرفتي بالخيل العربية -التي تربو علاقة العربي بها على ألف وأربع مئة سنة- على معرفة لا يتجاوز عمرها مئتي سنة؟! وكيف لي أن أعرف صواب هذه المعرفة القريبة الحديثة من خطئها إذا كنت أجهل المعرفة السابقة لها؟! فهو إذن يريد أن يستوثق لنفسه من المعرفة القديمة الأصيلة؛ ليستطيع من خلالها تقييم المعرفة القريبة الحديثة. وهذا المسلك هو المسلك العلمي الصحيح، لأن أي علم لا نستطيع أن نفهمه أو نقيمه أو ننتج منه معرفة جديدة؛ ما لم نبحث في تاريخه وأصوله ونفهم فلسفة بنائه.
ومن هنا يتوجب علينا نحن العرب أمران سوف أختم بهما هذه المقالة:
الأول: أن نتواصل مع معرفتنا العربية القديمة -المتعلقة بالخيل- تواصلا حقيقيا وفعّالا، نُقَيِّم به معرفتنا العربية المعاصرة، وهذا يكون من خلال البحث العلمي الجاد، في تاريخ تلك المعرفة وأصولها.
الثاني: أن نقدم إلى العالم معرفتنا العربية القديمة بالخيل، ونسهل وصولها إليهم، وهذا يكون من خلال ترجمة الإسهامات العلمية العربية في هذا الحقل.
هذا ماتحتاجه جيادنا العربية الأصيلة في وقنا الراهن وهذا هو أقل مانستطيع تقديمه لميراثنا الأصيل لنثبت للعالم هذه الأصالة العتيقة والعريقة من خلال البحث العلمي فيما كتبه العرب والأدباء القدماء عن الجواد العربي الأصيل.
فجزاك الله عنا خير الجزاء استاذنا الفاضل على هذا الطرح.
مقال جيد يا أستاذ عبدالعزيز
ﻻ أدرى عن تواصلك مع علماء اﻷحياء، هل يمكن أن يسهم عملك هذا في انفتاح العلوم بعضها على بعض؟
أعني انفتاح اﻷخبار والمرويات اﻷدبية في كتب اﻷدباء والمؤرخين على العلم التجريبي المتعلق بصفات الحيوان الفسيولوجي أو البيولوجي.
أت1منى أن يكون ذلك، ونتخلص من جمود وانغلاق العلوم.
المقترحات للسيد فيليب تتمحور حول اصلاحات حلبة العرض الا ان التفاتة الاستاذ عبد العزيز لما ورد في الحوار عن عدم توفر مرجع واضح ومتخصص هي التفاته ذكيه وتوضيح هام كان لابد من الاشارة اليه وانا اتوقع ان تضاف هذه المقاله لمقدمة الكتاب المزمع مع جزيل الشكر لكل من ساهم ويساهم وسيساهم في تأصيل وتحقيق مراجع الخيل العربي لاسيما وان هناك من يعمل الى هذا الا ان النتائج لمتصل لمراحل يمكن عرضها.
م. يوسف موسى الرفاعي
جمعية الامارات للخيول العربية
الشكر الجزيل أخي ERAB AL SAHRA STUD
والشكر الجزيل أخي أشرف
والشكر الجزيل أخي يوسف
على هذا التداخل الكريم منكم جميعا، وأقول لأخي أشرف: نعم نحن بحاجة لتواصل العلوم مع بعضها البعض؛ لا سيما في مثل هذا العلم الذي تقدم فيه العلم التجريبي كثيرا، فنحن نحتاج أن نعرض تراثنا فيما يتعلق بالخيل العربية على ما توصل إليه علم الأحياء، وكذلك علم الأحياء بحاجة إلى معرفة أوصاف العرب للخيل العربية في غابر زمانها؛ وذلك أن علم الحيوان فيما يتعلق بالخيل يقيم بنيانه المعرفي على نموذج قريب معاصر، وهذا النموذج عرضة للنقص والعيب لأسباب لا يسع المجال لذكرها هنا.
شكري وتقدري لمروركم الكريم