لأن أعينها واسعة؛ فإن مجال الرؤية لدى الخيل أوسع بكثير من مجال رؤية البشر. وبالرغم من أن حاسة البصر لدى الخيل ليست بنفس كفاءة العين البشرية؛ إلا أن رؤيتها حساسة جدا لكل التحركات المحيطة بها، بل تتفوق على البشر في الرؤية الليلية … كتبنا في مقال فائت عن حواس الخيل بصورة عامة، أما اليوم؛ فسنتجول داخل الأعين الساحرة البراقة، لنفصل ما أشرنا إليه سابقا..
ما تجدر معرفته أن الخيل تستغرق وقتا طويلا نسبيا قياسا بالعين البشرية لتمييز وتدقيق وتفهم تفاصيل الأشياء، كما ليس لديها الآلية السريعة أو الشعور الجيد لتفسير وتمييز جسم من جسم آخر. وهذا من أهم الأسباب الرئيسية التي يعاني منها فرسان قفز الحواجز وبالتحديد عند الحواجز المركبة من عدة موانع، والأخرى المتتالية الموانع، وخاصة مع الجياد الجديدة التي ليست لها خبرة عند الاقتراب السريع من حواجز القفز، الأمر الذي يفسر كثرة الأخطاء وخسارة السباقات بين الجياد قليلة الخبرة، والأخرى المتمرسة.
الرؤية الليلية
تستطيع الخيل أن ترى في الظلام أفضل من البشر، إلا أنها تستغرق وقتا أطول للتكيف مع الضوء والظلام من غيرها من الكائنات. لذلك يطلب من السياس والمدربين والفرسان التريث والصبر قليلا، وإعطاء الخيل الوقت الكافي للتكيف عند انتقالها من مكان شديد السطوع إلى آخر مظلم وبالعكس، وهذا ما يفسر أن كثيرا من الجياد تصبح خائفة أو هائجة أو قلقة، عند دخولها الأماكن المظلمة، كذلك سيارات النقل عديمة أو قليلة الإنارة، أو حضورها إلى ساحة السباق المظلمة. مع الأخذ بالاعتبار أن الخيل لا تنسى بسهولة ما عانت منه في منطقة معينة، وتصبح هائجة أو قلقة كلما جاءت إلى نفس المنطقة، وفي بعض الأحيان تصل إلى حد الحرن، وبالتالي صعوبة السيطرة عليها.
تمييز الألوان
الرأي السائد بين كثير من العلماء أن الخيل لا تستطيع التمييز بين الألوان، برغم عدم وجود أي دليل علمي يثبت أو ينفي ذلك، وهناك دراسات وبحوث مستفيضة عن طبيعة حاسة البصر لدى الخيل، ولكن إلى الآن بقي موضوع تمييز الخيل للألوان مجهولا. بل أن هنالك بعض التصرفات التي قد توحي بأن الخيل قد تميز بين الألوان، ومنها جموح أكثر لجياد قفز الحواجز عند الحواجز الزرقاء اللون، وجموحها بنسبة أقل عند الحواجز ذات الألوان البرتقالية أو الحمراء.
مناطق عدم الرؤية!
تعاني الخيل من مناطق مبهمة أو ميتة لا يمكن أن ترى فيها، لأن جهازها البصري غير متكيف لجميع المناطق المحيطة بها، ومن هذه المناطق البقعة التي تمتد حوالى 4 أقدام أمام الجبهة المواجهة لرأس الحصان، مع الأخذ بالاعتبار إمكانية اختلاف هذه المسافة تبعا لشكل رأس الحصان، فاذا كان ذا جبهة عريضة، فإن البقعة المبهمة أو العمياء ستكون أطول من ذي الجبهة الضيقة، لذلك يستحسن عدم الاقتراب منها مباشرة من الجبهة الأمامية، لأنها قد لا تراك إلا إذا اقتربت في حدود المنطقة المبهمة أو العمياء، وهذا ما يفسر لماذا يقوم الحصان برفع أو إمالة أو لف رأسه عند اقتراب شخص ما منه من جبهته الأمامية، أو حتى اقترابه من الأشياء الأخرى من الأمام مباشرة، وهذا الأمر استغله الفرسان ذوي الخبرة عند اقترابهم من الحواجز، إذ لا يقتربون إلا بزاوية معينة، أو ميل معقول، حتى يتركوا للحصان الفرصة الكاملة لرؤية وتحديد الحاجز المقصود، وهذا يمثل احد أسرار قفز الحواجز والتفوق بها.
وفي بعض الاحيان لا تستطيع الخيل رؤية صدورها أو مفاصل ركبتها أو حتى حوافر أيديها، وكذلك الأرض قرب أقدامها، ويشكل هذا واحد من نقاط الضعف في جهازها البصري. كما أن الخيل لا يمكن لها أن ترى المنطقة أو الأرض أو الأشياء التي تقع خلفها مباشرة، وهذه هي أخطر منطقة عمياء في الجهاز البصري للخيل، لذلك ينبغي على المربين والمدربين وممن لهم علاقة بهذه الكائنات، عدم الاقتراب منها من الخلف مباشرة، وإلا سيكونون عرضة للرفس عند أي صوت أو حركة.
الرؤية بعين واحدة
عند استخدام الحصان لكلتا عينيه والتركيز في موضوع واحد للرؤية، فإن ذلك يسمى علميا binocular vision أو (ثنائي الرؤية)، ويمكن تمييز ذلك عند رؤية الخيل وهي تركز للأمام مع انتصاب كلتا الأذنين للأعلى. كما يمكن للخيل أن ترى بكل عين على حده للجانب أو للإمام أو الخلف، ويسمى ذلك علميا monocular vision أو (أحادي الرؤية). ويمكن ملاحظة ذلك عند رؤية الخيل وهي تدير رأسها أو ترفعه أو تخفضه للتركيز على الرؤية.
شكرا وجزاك الله خيرا ………..
عفواً .. وإياك..