سلسلة دروس شرح كتاب: (قانون صفات الخيل العربية) للأستاذ: عبد العزيز القرشي
رقم الدرس: ٩
١/ رِقَّةُ الأَرْنَبَة.
قال أبو عبيدة: “يُستدلُ على عِتْقِ الفرَسِ برِقَّةِ […] أَرْنَبَتِه”. وفسر الأرنبة في موطن آخر بالنُّخْرة, فقال: “ونُخْرَتُهُ: أَرْنَبَتُهُ”. والنخرة كما ذكر الأصمعي: هي مقدَّمُ الأَنْف. وعليه فإن الأَرْنَبة تقع في مقدِّمة الأنف بين المنخرين, كما قال ابن هذيل: “وأرنبتُه: ما بين مَنْخِريه”. وهي تحديدا فوق الوَتْرَة؛ لقول أبي عبيدة: “ووَتْرَتُهُ فيما بين الأَرْنَبة, وأعلى الجُحْفُلة”, والوَتْرَةُ: هي الحاجز بين فتحتي المَنْخِر. وطرف الأرنبة من أعلاها هي: الخِنَّابَةُ, كما قال أبو عبيدة: “وخِنَّابَتُهُ: طرف الأَرْنبة من أعلاها”. وطرف الأرنبة من أسفلها هي: الرَّوْثَةُ, كما قال صاحب العين: “الرَّوْثَةُ: طرَفُ الأَرْنبة حيث يقطر الرُّعَاف”. والرعاف هو الدم الذي يخرج من الأنف.
وبناء على ما سبق, فالأقرب أن الأرنبة تقع بين أعلى فتحتي المنخر، عند نهاية طرف قَصَبة الأنف. وهي من الصفات المشتركة بين وظائف الركوب والزينة, ويُستَدل برقتها على عِتْق الفرس العربي وأصالته, كما قال ابن هذيل: “ومنها رقة أَرْنَبَته […] وذلك للحُسن, ويُستدل به على العِتْق”. وعلى هذا يكون غلظ الأرنبة من علامات الهُجنة, التي تخرج الفرس العربي من دائرة الأصالة, فتصبح -رقة الأرنبة- بهذا من الصفات المؤثرة في تحديد نوع السلالة الخيلية.
٢/ عِرَضُ المَنْخِر.
ذكر أبو عبيدة هذه الصفة في صفات العِتق بلفظ العِرَض؛ وذلك في قوله: “ويُسْتدل على عِتْق الفَرَس […] بعِرَضِ مَنْخِرَيْه”, وذكرها -كذلك- في صفات الجودة بلفظ الرُّحْب؛ وذلك في قوله: “ورُحْبُ منْخِريْه”, ثم فسر المنخر في موطن آخر بقوله: “ومَنْخِرُهُ: مَخْرَجُ نَفَسِه”. وذكرها الأصمعي في المستحبات مرة بلفظ العِرَض؛ وذلك في قوله: “يُستحب في الفَرَس أن […] يَعْرُض مَنْخِرُه”, ومرة بلفظ الاتِّسَاع؛ وذلك في قوله: “يُستحب في الفَرَس أن […] يَتَّسِع مَنْخِرُه”.
والأقرب أن العِرض, والرُّحْب, والسعة, بمعنى واحد, وهي تدل على استحباب اتساع فتحة أنف الفرس, ويدل على ذلك قول أمرئ القيس:
لَهَا مَنْخِرٌ كَوِجَارِ الضِّبَاعِ فَمِنْهُ تُرِيحُ إذَا تَنْبَهِرْ
حيث شبه منخري فرسه بمغارة (جُحر) الضبع. ويدل على ذلك أيضا قول عنترة:
وكأن مخرج روحه في وجهه سربان كانا مَوْلِجين لِجيأل
والجيأل هي الضَّبُع.
لكن صفة العِرَض فيها معنى زائد على صفة الرُّحْب, والسعة, فالرحب والسعة وصف للمنخر من داخله, والعِرَض يضيف إلى هذا الوصف وصفا آخر من الخارج, وهو يظهر في قول ابن هذيل في وصف الخيل: “ومنها: دقة عُرْضَي أنفه, وسهولتهما، وعُرْضاه: مبتدأ ما انحدر من قَصَبة الأنف من جانبيهما جميعا”؛ فابن هذيل في هذا الشاهد يصف المنخر من خارجه, لأن عُرْض الشيء ناحيته، وعُرْض المنخر هنا ناحيته من الجانبين، والمُستَحب فيه الدقة والسهولة.
وبناء على ما سبق, فالأقرب أن عِرَض المَنْخِر ورُحبه وسعته, من الصفات المشتركة بين وظائف الركوب والزينة, لكن فرس الركوب أحوج إلى كمال هذه الصفة من فرس الزينة, لقول أبي عبيدة: “ورُحْب منخراه؛ لسهولة مخرج نَفَسه وسرعته لا يتراد نَفَسُه في جوفه فيربو لذلك”, أي ينقطع الفرس عن الجري، ولقول ابن هذيل كذلك: “فالرُّحْب لسرعة الإراحة؛ أي لسهولة دخول النفس وخروجه في أثناء الجري. والأقرب كذلك أن رقة أطراف المنخر ورقة عُرْضية من الصفات المشتركة بين وظائف الركوب والزينة, وهي من علامات العِتْق والأصالة في الفرس العربي؛ لقول ابن هذيل: “ومنها دقة عُرْضَيْ أنفه, وسهولتهما […] فذلك للحُسن، وهو دليل العِتْق”. وعليه فإن هذه الصفة -أعني رقة أطراف المنخر, ورقة عُرْضيه- من الصفات المؤثرة في تحديد نوع السلالة الخيلية, لأن غلظهما يخرج الفرس من دائرة الأصالة.
ويحسُن التنبيه إلى أن صفة رُحْب المنخر وسعته لا تظهر في الفرس العربي إلا في حالة انفعاله، وأما في حالة السكون فيكون المنخر مستطيلا، وطول شَقِّه يدل على سعة فتحته، ولذلك اُستُحب طول شق المنخر، لقول ابن هذيل: “ومنها: رُحْب مَنْخِريه […] وطول شَقِّهِما”.
ملحوظة:
المقصود هنا عرض الدرس بلغة سهلة ومختصرة دون إثقاله بطريقة المعالجة والاستدلال، ولذلك فالدرس لا يُغني عن الكتاب لمن أراد التوسع، علمًا أن الكتاب موجود في جميع فروع المكتبات التالية: جرير، العبيكان، الرُّشد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع رائع و مميز لكن هناك ملحوظة بسيطة
وهي ضرب بمثل بصورة لخيل هندي
حبذا لو تكون الصور والامثال كلها لخيل عربية
أهلا أخي سحيب
يقول الشاعر: وبضدها تتميز الأشاء…
الخيل العربية لم تأتها الهُجنة إلا من الخيل غير العربية ولذلك فضرب المثل بالخيل غير العربية منهج صحيح في توصيل المعرفة، فأنا أضرب المثل بالخيل غير العربية وبالخيل العربية التي ظهرت فيها الهُجنة لكي يفرق القارئ بين الأصل والفرع وتتضح لديه الرؤية.
مع احترامي للكاتب و اجتهاده ، لو اخذنا كلامه حرفيا فكل خيلنا فيها هجنه و غير أصيلة، و هذا غير صحيح فإذا كان هناك صفة لا توجد في الحصان فهذا لا يعني عدم أصالته، و لو كان كلام الكاتب صحيح فإن الخيل العربية يجب ان تكون نسخه طبق الأصل عن بعض و أي حصان أو فرس يفتقر احدى صفاتها الجمالية فهو هجين
مرحبا أبا عبد الله..
أعتقد أنك لم تقرأ كتابي أو الدروس المفصلة له جيدا لأنه يفرق بين الخيل العربية ولا يجعلها شكلا واحدا كما ذكرت، وكذلك يناقش مفهوم الأصالة بتوسع واستدلال علمي، ولذا فأنا أدعوك إلى قراءة الكتاب بمزيد من التأني ولك شكري.