لعل المهتمين بالاطلاع على ما كتب عن الخيل العربية الأصيلة، بخاصة تلك الكتابات والمدونات التي خطتها أقلام غير عربية؛ لعلهم حفظوا أسماء ارتبطت بخيلنا، فتلك الأسماء كانت لأعلام من الناس، كان لهم أثر واضح في نشر محاسن هذه الخيل العتاق في أرجاء العالم .. و(آل بلنت) حجزوا لأنفسهم مساحة بين هذه الاسماء..
فالفارس والشاعر والرحالة البريطاني (ولفرد سكاون بلنت) 184 -1922م، امتلك خبرة كبيرة في مجال العمل الدبلوماسي في البلاد العربية، أعانته على كتابة المذكرات. ومن الواضح أن خبرته بالخيل العربية اكتسبها من إقامته الطويلة في دمشق في أواخر القرن التاسع عشر. كذلك من خلال ترحاله في بلاد الشرق مع زوجته (الليدي آن بلنت) حفيدة الشاعر البريطاني الكبير اللورد ” بيرون”، وهذه الأخيرة غنية عن التعريف، فاسمها ربما فاق شهرة عن اسم زوجها، لكثرة ما خطته يدها عن الخيل العربية. وكتاباتهما ومذكراتهما تعج بوصف وأخبار الخيل العربية، وقد تركا لأبناء وطنهما إرثاً من الكتب والمذكرات.
وبالإضافة إلى ما كتباه عن خيلنا؛ فقد كان لهما اهتمام بمزارع ومرابط الخيل، فقد أسسا مربطاً للخيل العربية في “كرابت بارك” في لندن عام 1880م نقلا إليه كرائم الخيل العربية الأصيلة. ومربطاً آخر في منطقة الشيخ عبيد بضواحي القاهرة عام 1882م جلبت إليه الخيل من الجزيرة العربية والبحرين وبلاد الشام، بالإضافة للخيل المصرية. وهما أول من أطلق مصطلح “خيول الصفوة” أي الحصول على الخيول العالية الجودة والأصالة والجمال. كما قاما بخدمة الحصان العربي في أوروبا، وفي معظم بلاد الغرب.
لآن بلنت كتابان: الأول (رحلة إلى نجد)، والثاني (قبائل بدون الفرات)، وأخبار الخيول العربية متناثرة بين طيات الكتابين، في فصول خاصة كرست لفهم طبيعة الخيول العربية، فقد كانا معجبين بالخيل العربية إلى حد كبير جدا. ومن آثارهما المدونة بأحرف غالية؛ نورد بعضا من مقاطعهما، مع تذكير القارئ الكريم بأننا نشرنا مجموعة من تلك المدونات في مقال سابق بعنوان ” شاربات الريح بعيون الرحالة” ..
تقول آن بلنت:
“الخيل البدوية تشبه خيلنا الإنجليزية الأصيلة، بل إن خيلنا قد تهجنت منها، والفرق الأساسي يكمن في شكل رأس الحصان العربي، فهو جميل جداً، بينما رأس الحصان الإنجليزي يشبه شكل رأس الحصان الروماني القديم. كما أن الحصان العربي يتميز برشاقة العنق، والساق الأمامية تمتاز بقوة خارقة، حيث تتجسم فيها العضلات بشكل بارز ومميز، والظهر أقصر من ظهر الخيل الإنجليزية”.
ومن مدونات ولفرد بلنت:
“ترتفع الخيل العربية عند الكفل أكثر من الكاهل، ويرتفع الذيل فيها قليلاً عند المشي، وعالياً عند الركض، كما أن الربع الخلفي فيها أضيق بكثير من الربع الخلفي في الخيل الإنجليزية، وهذه ميزة تدل على السرعة أكثر من القوة، بالإضافة إلى كونها عامل جمال رائع. والطرف الأمامي أكبر نسبياً من الطرف الأمامي للخيل الإنجليزية، وقصبة القدم أقصر. ومن العلامات التي تجعل الحصان العربي لا يتعب؛ مفاصل الرسغ القوية جداً.