قيل إن العرب قديما كانت ترسل خيل السباق عشرة أكثرها، بمعنى أن عدد الخيل المتسابقة في كل مضمار عشرة خيول لا تزيد، وقد تنقص أحيانا. تتنافس بالجري ليفوز في النهاية واحد منها بقصب السبق. وكانوا يمسحون على وجه الفائز تحفيزا ومباركة له. وكان لكل واحد من هذه العشرة اسم يسمى به، بحسب ترتيبه في الوصول لنهاية المضمار .. في المساحة التالية نذكر هذه الأسماء، ثم نفصل لها..
فأولها (المجلّي) وهو السابق والمبرز أيضا، ثم (المصَلّي) وهو الثاني، ثم (والمُسَلّي) وهو الثالث، ثم (التالي) وهو الرابع، ثم (المرتاح) وهو الخامس، ثم (العاطف) وهو السادس، ثم (والحظيّ) وهو السابع، ثم (المؤمَّل) وهو الثامن، ثم (اللطيم) وهو التاسع، ثم (السُّكَّيْت) وهو العاشر، وربما قيل في بعضها غير ذلك. وقيل إن المحفوظ عن العرب؛ السابق والمصلي والسكيت، أما باقي الأسماء فقيل إنها محدثة. وقد جمعت هذه الأسماء في بيتين من الشعر:
وغدا المجلي والمصلي والمسلي … تاليا مرتاحها والعاطف
وحظيها ومؤمل ولطيمها … وسكيتها هو في الأواخر عاكف
أما تفصيلها؛ فقد قيل إن الأول سمي المجلّي لأنه جلّى عن صاحبه ما كان فيه من الكرب والشدة. وسمى الثاني المصَلّي لوضع جحفلته على قطاة (عجز) السابق، والثالث المعَفّى والمُسَلّي لأنه سلّى عن صاحبه بعض همه بالسبق حيث جاء ثالثًا. والرابع التالي لأنه تلى المسلِّي، والخامس المرتاح لأن راحة اليد فيها خمس أصابع. والسادس العاطف، فكأن هذا الفرس عطف الأواخر على الأوائل أي ثنّاها، والسابع البارع والحظيّ لأنه قد ناله حظًا، والثامن المؤمَّل؛ لأنه يؤمل وإن كان خائبا، والتاسع اللطيم؛ لأنه لو أراد أن يدخل الحجرة التي هي نهاية السباق لطم وجهه دونها، أو لأنهم كانوا يلطمون صاحبه. والعاشر السُّكَّيْت، لأن صاحبه تعلوه ذلّة وحزن ويسكت من الغم، وقيل إنهم كانوا يجعلون في عنقه حبلا ويحملون عليه قردا، ويدفعون للقرد سوطًا فيركضه ليعيرّ بذلك صاحبه. وهذا الشرح فيها اجتهادات قد تصيب وقد تخطئ، والله أعلم.
جاءت في مقدمة هذه الأسطر عبارة: قصب السبق، ولمزيد من الفائدة نبين معناها لعلاقتها الوطيدة بموضوعنا؛ فحاز قَصَبَ السَّبْقِ، أَي فاز بالجائزة. وأصله أَنهم كانوا ينصبون في آخر ميدان السِّباق قَصبة، فمن سبق، اقتَلعها وأخذها، ليُعلَم أنَه السّابق.