من شدة إعجاب العرب بخيلهم، ومن شدة سرعة هذه الخيل؛ أن بعضهم كان يجرى فرسه في الأمكنة الخالية لا مسابق له فيها!، فيسر بما يرى في فرسه من سرعة، ويتناسى أن هناك خيلا أسرع منه، ولعله إذا أشركه في سباق مع خيل أخرى؛ تبين نقصه.
يضرب المثل للرجل تكون فيه صفة يحمدها من نفسه ولا يشعر بما فِي الناس من الفضائل، حيث يعجب بالفضيلة تكون منه، من غير أن يقيسها بفضائل غيره.
وقيل في قصة هذا المثل إن رجلا كان له فرس، وكان يجريه فردا ليس معه أحد، وجعل كلما مر به طائر أجراه تحته أو رأى إعصارا أجراه تحته، فأعجبه ما رأى من سرعته فقال: لو راهنت عليه. فنادى قوما فقال: إني أردت أن أراهن عن فرسي هذا فأيكم يرسل معه؟ فقال بعض القوم: إن الحلبة غدا فقال. فلما كان الغد أرسله فسبق فعند ذلك قال: كل مجر في الخلاء يسر، ويقال أيضا: كل مجر بخلاء سابق.
قال أبو العتاهية:
جاء المشمر والأفراس يقدمها … هوناً على رسله منها وما انبهرا
وجاء الريح حسرى وهي جاهدة … ومر يختطف الأبصار والنظرا
وقال أبو العلاء المعري:
وخيل لو جرت والريح شأواً … ظننا الريح أوثقها إسار
كذا الأقمار لا تشكو وناها … وليس يعيبها أبدا سفار
وقال عنترة بن شداد:
ولي فرس يحكي الرياح إذا جرى … لأبعد شأوا من بعيد مرام
يجيب إشارات الضمير حساسة … ويغنيك عن صوت له ولجام