يبين هذا الحديث أن الخيل هي أكثر الدواب التي كانت ترافق العرب في حلهم وترحالهم، وأنها الأفضل في الركوب بين نظيراتها في الفصيلة الخيلية وغيرها، وهذا ما أكده هذا الصحابي، عندما ترك صلاته من أجل ضمان مركوبه إلى البيت، بعد ما علم تيسير الاسلام في ذلك. فقد جاء في صحيح البخاري أنه: “جاء أبو بَرْزةَ الأسلميُّ على فرسٍ، فصلى وخلَّى فرسَه، فانطلقتِ الفرسُ، فترك صلاتَه وتَبعها حتى أدركها، فأخذها ثم جاء فقضى صلاتَه، وفينا رجل له رأي، فأقبل يقول: انظروا إلى هذا الشيخِ، ترك صلاتَه من أجل فرس، فأقبل فقال: ما عنَّفَني أحد منذُ فارقت رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقال: إن منزلي مُتراخٍ ، فلو صليت وتَرَكْت، لم آتِ أهلي إلى الليل. وذكر أنه صَحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فرأى من تَيسيره”
يَحكي الأزرق بن قيس أنَّهم كانوا على شاطئ نهر بالأحواز، وهي موضع بخوزستان بين العراق وفارس، قد “نضَب”، أي: ذهب عنه الماء، فجاء أبو بَرْزةَ الأسلمي على فرَس فصلَّى وخلَّى فرسه، أي: ترَكها فانطلَقَت الفَرس، فترَك صلاتَه واتَّبعها حتَّى أدركها، فأخَذها، ثمَّ جاء فقضى صلاتَه، أي: أدَّاها، وفينا رجل له رأي، أي: قول فاسد، وتنوينه للتَّحقير، فأقبَل يقول: انظُروا إلى هذا الشَّيخِ ترَك صلاتَه مِن أجل فرس، فأقبَل، فقال: ما عنَّفني أحدٌ منذ فارقتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقال: إنَّ مَنزلي متَراخٍ، أي: مُتباعد، فلو صليت وتركت الفرس لم آت أهلي إلى اللَّيل، وذكَر أنَّه صحِب النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فرأى مِن تيسيره صلَّى الله عليه وسلَّم كثيرا ما حمَله على فعلِه ذلك؛ إذ لا يجوز له أنْ يفعلَه مِن تلقاء نفسه دون أنْ يشاهد مثلَه منه صلَّى الله عليه وسلَّم.
وما يستفاد من هذا الحديث؛ رفقُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأصحابِه. كذلك الاقتداءُ بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. بالإضافة إلى حكاية الرَّجل مناقبه إذا احتاج إلى ذلك ولم يكن في سياق الفخر.