تناقلت بعض وسائل الإعلام في الفترة الماضية خبرا قد يكون غريبا بعض الشيء لكثير من الناس، مفاده أن دولة كازاخستان صدرت حليب الخيل المجفف لتعوض خسائر تراجع صادرات النفط!. حتى أن وزير زراعتهم قال إن حليب الخيل يمكن أن يصبح موردا رئيسيا لعائدات التصدير بالغة الأهمية في الوضع الحالي!. فما هو هذا السائل الغالي الذي يغني مالكيه؟ وما أمر هذا الحليب العجيب، المستخرج من هذه المخلوقات غير المعتادة على هذا الأمر؟.. وهل يجوز لنا شربه؟ وما هي أكثر المناطق التي تستفيد منه؟ وما فوائده الغذائية؟.. استفهامات كثيرة، تحوي الأسطر القادمة شيئا من إجاباتها..
في ديننا الحنيف، اختلف أهل العلم في أكل لحوم الخيل، فمذهب جمهور أهل العلم؛ جواز أكلها، وذهب المالكية ومن وافقهم إلى عدم الجواز. والراجح ما ذهب إليه الجمهور، لما جاء في الصحيحين وغيرهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل. ولما رواه مسلم عن أسماء بنتِ أبي بكر رضي الله عنهما قالت: ” نَحرنا على عهد رسولِ اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم فرسا فأكلْناه ونَحن بالمدينة”. وما جاز أكلُه يجوز شرب لبنه من باب أولى؛ لأنَّ اللَّبن متولّد من اللَّحم فيأخذُ حكمه، لما رُوي عن جابر رضي الله عنه قال: “سافرْنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وكنَّا نأكُلُ لَحم الخيْلِ ونشرَبُ ألبانَها” .
وفيما يتعلق بمن اعتادوا على شرب هذا الحليب في وقتنا الحاضر؛ فإن كثيرا سكان آسيا الوسطى، وسهول منغوليا، وكازاخستان، وبعض دول أروبا الشرقية، وغيرها؛ يستسيغون حليب الخيول بحالته الطبيعية، وعلى شكل رائب، وسيتخلصون منه الزبدة. وقد ذكر أنه وبسبب تناقص إعداد الخيول في العقود الأخيرة؛ كان سكان منغوليا يداوون مرضاهم بهذا الحليب، الذي يرمز عندهم الى الشجاعة.
يعتقد بعض العلماء، بحسب بعض المواقع على النت؛ بفوائد حليب الأفراس ضد أنواع التسمم المعوي، وحالات الإسهال، ومقاومته لجراثيم القرحة، وفيروسات التهاب الكبد، وقدرته على تفتيت حصى الكلى، وحماية الرئتين من الالتهاب، بالإضافة لمقاومة البرد. وقد اعتمدت إحدى المصحات في شتوتغارت بألمانيا حليب الخيول لإرضاع الأطفال الخدج، وكانت النتيجة جيدة، حيث حقق هؤلاء المواليد سرعة في النمو وقوة الجسد. وكما هو الحال في حليب الأم؛ فإن حليب الخيول يحتوي على نسبة قليلة من البروتينات، لكنه غني بفيتامين (ج)، وبالأحماض الدهنية الرئيسية أكثر من حليب الأبقار. ويعد غنيا أيضا بأنواع من الأحماض الأمينية القادرة على الترشح من جدران الأمعاء، ولها مردودات صحية كثيرة، ومفيدة لتقوية جهاز المناعة، وخفض ضغط الدم.
تقدم أحد الباحثين المنغول برسالة دكتوراه إلى جامعة فرنسية موضوعها؛ الفوائد العضوية لحليب الخيول ومشتقاته، أثبت من خلالها وجود عناصر كابحة لارتفاع ضغط الدم، كما أثبت احتواءه على نوع من البروتينات يسمى Casiens بنسبة مقاربة لما هو موجود منه في حليب الأم، فيما ترتفع هذه النسبة في حليب الأبقار لتصل الى 80% . وعلى هذا يعد حليب الخيول وحليب الأم من الأنواع المشبعة بالألبومين (البروتين الاساسي الموجود في الدم)، الأمر الذى يسهل عملية التمثيل الغذائي عند الرضيع، ويعمل على تقوية جهازه المناعي، ويقلل من توتر الأعصاب.