كم يسعد المربون والمالكون عندما يشفى أحد خيولهم. يحمدون الله ويشكرونه، ويحتفلون بالمناسبة.. والفضل بعد الله سبحانه وتعالى في ذلك؛ يعود لأولئك البيطريين، أصحاب الأيدي الحانية والقلوب الرحيمة .. تعبوا وسهروا، وأزالوا الألم عن هذه الدواب التي لا تنطق ولا تشتكي، وهنا تكمن صعوبة هذا العمل. إن مهمتهم لكبيرة وإن أجرهم لعظيم. وقد كتبنا في هذه الصحيفة عن كثير من الأمراض التي تصيب الخيل، لكننا لم نكتب عن من يعالج هذه الأمراض. لذلك رأينا أن نوفيهم حقهم..
تعد البيطرة فرع من فروع العلوم الطبية التي تعنى بالوقاية والعلاج، وتخفيف الآلام من أمراض وإصابات الحيوانات، بخاصة الأليفة منها. وتشتمل البيطرة على عدة علوم؛ كعلم التشريح المجهري وعلم الأنسجة والوراثة وعلم الجراثيم وعلم الطفيليات وعلم الأمراض وعلم العقاقير، والطب الباطني والجراحة وعلم الأمراض المشتركة، وعلم الأمراض المعدية والوبائية، وغيرها من العلوم الطبية في الحيوان.
يساهم الأطباء البيطريين على حماية الإنسان من أكثر من مئة مرض حيواني يمكن انتقالها إلى الإنسان. وأكثر من نسبة 60% من الأطباء البيطريين يعالج الحيوانات. وفي السنوات الأخيرة وحيث توجد المناطق المكتظة بالسكان؛ اقتصر نشاط العديد من البيطريين على علاج الحيوانات الأليفة. والبعض منهم أخذ يتخصص في علاج بعض الحيوانات، مثل الخيول والماشية والطيور وحيوانات الحدائق. وهناك عدد منهم تخصصوا في التدريس وإجراء الأبحاث، حيث يقومون بتصنيع الدواء للإنسان والحيوان. بالإضافة إلى عدد قليل من الأطباء البيطريين يعملون كمديرين لمختلف أنواع المزارع؛ كمزارع تسمين البقر ومعامل منتجات الألبان الكبيرة والعديد من مزارع الدواجن. والقليل من الأطباء البيطريين يعملون في التهجين حيث يتم نقل البويضة المخصبة من الحيوان المانح الأعلى جودة إلى رحم الأنثى الأقل جودة في الصفات الوراثية.
أما أجدادنا العرب، فبما أنهم امتهنوا حرفة الرعي منذ القدم؛ فقد كان اهتمامهم بالحيوان كبير، لذلك درسوا طباعه لحماية أنفسهم وحيواناتهم الأليفة، فأدلوا في علوم الطب البيطري كما لم يدل غيرهم، فكانت الكتابات البيطرية في التراث العربي ذاخرة وكثيرة، وعلى سبيل المثال من كتاباتهم في هذا العلم: كتاب الحيوان للجاحظ. وكتاب في الطير للحجاج بن حثيثة. وكتاب الجوارح والصيد بها لأحمد بن الطيب السلاخى. وكثير من كتب الفروسية وكتب الخيل، وغيرها من الكتب. والآن وبحمد الله يضم العالم العربي كثيرا من كليات الطب البيطري، التي ساهمت كثيرا في تطور هذا العلم.
ومثالا لبيطري عربي؛ ففي كتابه “البيطرة” الذي رأى النور مطلع القرن السابع الهجري؛ كتب الصاحب تاج الدين عن الخيل والبغال والحمير، وصفاتها وعيوبها الجسمانية وعيوبها الخلقية، وغير ذلك. وذكر أسماء جميع العلل والأمراض بالتفصيل، بدءا من الرأس وحتى أمراضها التناسلية. ومن أمثلة ما بينه الصاحب تاج الدين: “أنه قد يعرض للخيل والدواب في أسنانها وأضراسها علل من ضربين: أحدهما طبيعي والآخر عرضي، فأما الطبيعي فإبدال الأسنان والأضراس، واختلاف ذلك في الأوقات والأزمنة، وكالزوائد النابتة عليها في أوقات مختلفة. وكالأسنان البارزة من الفم. والعرضي فهو لما زاغ من الأسنان والأضراس عن الاعتدال لعلة من العلل كالضربة بالسيف والسقطة، وغير ذلك مما يخرجها أو تكسرها أو تحيلها عن جهة خروجها، أو يحدث فيها أشباه تمنع الأسنان من الحركة لحد العلف، ويؤذي الدابة إيذاء شديدا حتى يمنعها من العلف”. وقد وصف تاج الدين علاجا لهذه الأشياء المؤذية للدابة، حيث قال في علاج تحرك الأسنان: ” تؤخذ الحبة السوداء فتقلى ثم تسحق بخل ثقيف ثم يقطر على أصول الأسنان” كما وصف عددا من الوصفات لمجموعة من العلل.
استفاد الطب البشري من الطب البيطري كثيرا، وذلك في إجراء التجارب على الحيوان، حيث ساعد ذلك في تطور علوم الطب وعلم اللقاحات والتطعيم وغيره.
أخيرا؛ فقد جذب انتباهي برنامج مفيد في قناة “ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي” عنوانه: “طبيبة يوكون البيطرية” يعرض هذه الأيام. هذه الطبيبة الإنسان التي تتحرك كالنحلة من أجل إزالة الآلام عن الحيوانات. تفحص، وتجري العمليات، وتضمد الجروح، وتجبر الكسور، وتلبي النداء حتى خارج عيادتها المكتظة بمختلف أنواع الحيوانات. فعندما تشاهدها وهي تعمل بهمة ونشاط، وإتقان؛ يقشعر بدنك سعادة بما تنجز. إن دكتورة “ميشيل” مثال حي معاصر للرفق بالحيوان .. فشكرا لك، ولكم أيها البيطريون.
من المؤكد ان البيطريون الامناء ماهم إلا رحمة من الله لتلك الدواب
وهذا عمل إنساني ولايتعامل فيه غير ذوي القلوب الرحيمه والتي تتالم لالم الجواد او الفرس وهم باغلبية المربين والعشاق لتلك الدواب المحبوبه الى القلوب والتي هي رمز للوفاء وحكمة في الموده واصالة في المرافقه والبيطريون هم اقرب الناس الى فهم تلك الدواب
اثابهم الله ورعاهم وبارك فيهم وبمجهوداتهم لهم جزيل الشكر والتقدير وعميق العرفان