ابدى رئيس المنظمة الدولية للخيل العربية الأصيلة (واهو) بيتر جي بوند أسفه على فصل عدد من الموظفين من مناصبهم يوم الجمعة ماقبل الماضي 19 فبراير 2016. حيث تم في وقت واحد فصل كل من الدكتور ماريك تريلا (مدير مربط بودلاسكي ونائب رئيس الواهو)، والسيد جيرزي لبلوبوك (مدير مربط ميشالو) والسيدة آنا ستوجانيكا (مفتش تشبية الخيول في وكالة أملاك الدولة الزراعية) دون سابق إنذار ودون إبداء أسباب من جانب السلطات، كما ذكر مديرالمنظمة الدولية للخيل العربية الأصيلة (واهو)، مبينا أنه ومنذ ذلك الحين عينت وكالة أملاك الدولة الزراعية فردا جديدا في مربطي بودلاسكي وميشالو لتولي الإدارة، إلا أنه ومن خلال المعلومات المتاحة لا يبدو أن للمدير الجديد المستوى المطلوب من الخبرة لمثل هذه المهمة.
وقال (بوند) إن هذا الإجراء جاء في أعقاب التغيرات المفاجئة والشاملة التي أجرتها الحكومة البولندية المنتخبة مؤخرا، موضحا أنه تم استبدال عدة مئات من مديري الشركات المملوكة للدولة على جميع المستويات والمهن بآخرين. مشيرا إلى أن هذا الإجراء يجيء وفقا للقانون الجديد الذي يسمح بإقالة أكثر من 1600 من المديرين بالخدمة المدنية، من غير السياسيين، واستبدالهم دون إعطائهم فرصة في التنافس. وقال بوند: “كان من المأمول ألا يؤثر هذا الإجراء على مرابط الخيل العربية المملوكة للدولة، التي كانت دائما تجد الحماية من الحكومات البولندية السابقة، بغض النظر عن انتماءات مديريها السياسية، لأنها كانت تعتبر كنوزا وطنية لما لها من أهمية للأمة ككل”.
شكل هذا العمل، الذي تردد صداه بسرعة في جميع أنحاء العالم، مصدر قلق هائل للواهو، بحسب قول “بوند”، مضيفا: “إننا نعتقد أن المستقبل الآمن لهذه المرابط المهمة المملوكة للدولة مع تاريخها الطويل واستمرارية مشاريع الإنتاج فيها تعرض للخطر. لذا شعرنا أنه من الضروري أن نتحرك ونعبر عن هذا القلق إلى السلطات في بولندا”.
وذكر بوند أنه تم إرسال رسالة مستنسخة عبر البريد الالكتروني إلى كل من رئيس بولندا السيد أندريه دودا، ورئيس مجلس الوزراء السيدة بياتا زيدلو، وإلى وزير الزراعة السيد كريستوف جرقيل، ووزير الشؤون الخارجية السيد فيتولد وازيكومسكي، وإلى رئيس وكالة أملاك الدولة الزراعية السيد فالديمار هاميسكي، تشرح العواقب الوخيمة المترتبة على صناعة الخيول العربية في بولندا جراء هذا الإجراء.
ترجمة لنص الرسالة :
24 فبراير 2016
صاحب الفخامة رئيس جمهورية بولندا
السيد/ أندريه دودا
مستشارية الرئيس
رسالة عاجلة بالبريد الالكتروني
صاحب الفخامة
أكتب إليكم اليوم مع فائق احترامي بصفتي رئيسا لمنظمة الحصان العربي العالمية (الواهو)، وهي الجهة الحاكمة الوحيدة المعترف بها رسميا ودوليا والمنوط بها إصدار كتاب أنساب الخيل العربية على مستوى العالم. نما إلى علمنا مؤخرا أن ثلاثة موظفين من وزارة الزراعة البولندية ووكالة أملاك الدولة الزراعية، والذين لعبوا أدوارا مهمة للعديد من السنين في برامج تربية الخيول العربية البولندية المشهورة على مستوى العالم قد صرفوا فجأة من مناصبهم في 19 الجمعة فبراير 2016 . وهؤلاء الموظفون هم: الدكتور ماريك تريلا (مدير مربط بودلاسكي ونائب رئيس الواهو)، والسيد جيرزي لبلوبوك (مدير مربط ميشالو) والسيدة آنا ستوجانيكا (مفتش تشبية الخيول في وكالة أملاك الدولة الزراعية). وقد ترددت أصداء هذا الإجراء في جميع أنحاء العالم، وسبب قلقا كبيرا لأعضائنا، الذين أكتب إليكم باسمهم الآن . في هذا الخصوص، نطلب منكم بكل احترام، النظر في النقاط التي نرى أنها مهمة ونتمنى الآن أن توليها اهتماما خاصا.
اسمح لي أن أتحدث قليلا عن منظمتنا. تأسست منظمة الحصان العربي العالمية (الواهو) في عام 1970، وهي مؤسسة خيرية مسجلة مقرها في المملكة المتحدة، وهي تضطلع بمسؤولية ضمان أن المعايير المقبولة لجميع أعضاء هيئة التسجيل بمنظمتنا تجد التطبيق والمراعاة من حيث نظم وطرق تسجيل وإصدار كتب انساب الخيل العربية. وهناك الآن 82 دولة تابعة لمنظمة الواهو بوصفها أعضاء في هيئة التسجيل، سواء في حد ذاتها أو في رعاية هيئة تسجيل لكتاب أنساب خيل أخرى، جنبا إلى جنب مع دولتين قد تقدمتا بطلب نيل عضوية هيئة التسجيل. لدينا أيضا دول أعضاء مشاركة، وكذلك عدد كبير جدا من الأعضاء الأفراد من جميع أنحاء العالم الذين انضموا إلى ‘أسرتنا’ الدولية الفريدة من نوعها. تلخص الأهداف الأساسية لمنظمتنا في الآتي: “، تحسين والحفاظ على نقاء دم الخيول من السلالة العربية وتعزيز المصلحة العامة في علم تربية الخيول العربية …؛ وتشجيع وتسهيل اقتناء وتوزيع المعرفة في جميع البلدان بخصوص تاريخ ورعاية وعلاج الخيول من السلالة العربية …؛ وتقديم المشورة وتنسيق سياسات وأنشطة الأعضاء في المنظمة …؛ والتعاون مع أي شخص أو هيئة من الأشخاص .. من جميع أنحاء العالم في لتشجيع توحيد المصطلحات والتعاريف والإجراءات المتعلقة بسلالة الخيول العربية، والعمل بصفة استشارية في المناقشة والتفاوض مع المنظمات الدولية والوطنية.. وغيرها من الهيئات في المسائل المتعلقة بالخيول من السلالة العربية “.
كانت بولندا أحد الأعضاء المؤسسين التسعة لهذه المنظمة، ومنذ البداية، خدم 3 من الخبراء البولنديين المخضرمين في مجال الخيول العربية خدموا بوصفهم أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة الواهو. وهم الراحل السيد أندريه كريستالويز والراحلة السيدة إيزابيلا باولتش والدكتور ماريك تريلا، الذي يشغل الآن منصب نائب رئيس الواهو. لا تقتصر أهمية التزامهم وخدمتهم لبولندا فحسب، ولكن أيضا تمتد للدول الأعضاء في هذه المنظمة، ولمنظمات دولية أخرى وللحفاظ على الحصان العربي في جميع أنحاء العالم.
وبذات القدر من الأهمية للواهو هو حقيقة أن الخيول العربية من بولندا وذريتهم يمكن الاطلاع عليها في جميع كتب سلالات أنساب الخيل الصادرة في الدول الأعضاء في منظمتنا، وكتب أسلاف الخيل من أكثر من قرن من الزمان، وأيضا من خلال عدة مئات من صادرات بولندا في العقود الأخيرة، وبالتالي إعطاء البلدان الأخرى فرصة للاستفادة من هذه الكنوز الفريدة من بولندا ضمن برامج التربية البولندية. سوف تكون كتب سلالات الخيول العربية في العالم بالتأكيد أكثر فقرا بكثير جدا من دون مساهمة الخيول المتميزة من بولندا.
كما يعرف كل من يتصل بالسلالة العربية، إن تقاليد تربية الحصان العربي في بولندا فريدة من نوعها على مستوى العالم، سواء في تاريخها أو في نجاحها المستمر. والأنساب المسجلة للخيول العربية البولندية تمتد إلى عدة قرون، وقد تم الحفاظ على تراثها ورعايتها من قبل الشعب البولندي لفترة تفوق الـ 200 سنة من الأوقات العصيبة، والخطرة في أغلب الأحيان التي مر بها الشعب البولندي. ويتداخل تاريخ بولندا والشعب البولندي الباسل إلى حد ما مع التاريخ المعروف للخيول العربية البولندية، في أذهان الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم. ويضرب ما يمكن تحقيقه من خلال الشجاعة والمثابرة مثالا إيجابيا لبقية العالم، جنبا إلى جنب مع الوعي بأهمية الاستمرارية والمحافظة على التقاليد. ونتيجة لذلك، يمكن القول إن الخيول العربية البولندية هي الآن في أعلى قائمة الخيول المرغوبة في العالم.
إن هذا النجاح الأخير وأهمية المرابط المهمة والمشهورة المملوكة للدولة مثل مربطي مربطي بودلاسكي وميشالو ليس من قبيل الصدفة، وبالطبع لا ننسى الانجازات المتميزة لمربط بيالكا الأصغر. يعتبر الاستمرار تربية خيول عربية ذات جودة عالية، والمحافظة في الوقت ذاته على أسلاف مهمة تاريخيا على حد سواء فن وعلم، وهذا الأمر حتى مع أفضل الخيول المتاحة فإنه ليس من السهل تحقيقه على الإطلاق. وما لم تتوفر للمربي أو، في هذه الحالة، مدير مربط مملوك للدولة سنوات من الخبرة في التعامل مع مجموعة معينة من الخيول، فإنه سيكون من المستحيل تحقيق ذلك. ولدينا رأي قوي أن أحد الأسباب الرئيسية لنجاح الخيول العربية في المرابط المملوكة للدولة البولندية، وخاصة في السنوات ال 70 الماضية، هو بلا شك بسبب الخدمة مدى الحياة ونكران الذات والتفاني المبذولة من عدد قليل من مديري المرابط المملوكة للدولة ، جنبا إلى جنب مع عمل مفتشي تشبية الخيول، الذين استفادوا من خلال التلمذة الصناعية الطويلة لدى أسلافهم من ذوي الخبرة. وحتى عند تقاعد الإدارة السابقة لهذه المرابط، بقي معظمهم يقدم خدماته، بوصفهم مرشدين للخلفاء الأصغر سنا. هذه الكيفية في نقل المعرفة قد أتاحت استمرارية فريدة من نوعها، لا مثيل لها في أي مكان آخر في العالم. وقد أدى هذا مما لا شك فيه إلى ما يتمتع به الحصان العربي البولندي اليوم على مستوى العالم.
ورجوعا إلى مسألة الأشخاص الثلاثة الذين صرفوا من وظائفهم، فإنه مما لا شك فيه أن الدكتور ماريك تريلا ، والسيد جيرزي لبلوبوك والسيدة آنا ستوجانيكا يتمتعون بالاحترام في جميع أنحاء العالم. وقد استحقوا هذا الاحترام على مدى العقود الماضية من خلال معارفهم ونزاهتهم وعملهم الجاد، وكذلك لخدمتهم لمنظمات مثل الايكاهو والواهو، وبطبيعة الحال للعديد من الجوائز التي حازت عليها خيول نتيجة لبرامجهم الخاصة بالتربية الحكيمة على المسرح الدولي، ليس فقط في ميادين العرض ولكن أيضا على مسارات السباق وفي حظائر التشبية. هؤلاء الأفراد الثلاثة وإنجازاتهم هي من دون شك السبب الرئيسي في أن ملاك ومربي الخيل الدوليين لا يزالون يتجهون إلى بولندا بوصفها مصدر لأفضل أنواع الخيول العربية في العالم، مع العلم أنه تم إنتاجها من قبل خبراء في هذا المجال. وهم أيضا السبب في أن مربين آخرين من جميع أنحاء العالم قد درجوا على استئجار الفحول القيمة من هذه المرابط المملوكة للدولة، وهم واثقون من معرفة وسمعة الإدارة والرعاية والخبرات المقدمة من قبل موظفين قد دربوا جيدا. هذا التبادل الدولي للأسلاف له أهمية قصوى في الحفاظ على الجينات في جميع كتب أنساب الخيل العربية الصادرة في الدول الأعضاء في الواهو، وهذا شيء مهم للغاية بالنسبة للصحة والرعاية الاجتماعية لسلالة الخيل العربية.
ولمزيد من المعلومات يعتبر كلا المربطين بودلاسكي وميشالو ناجحين من الناحية المالية، ويرجع ذلك بلا شك جزئيا إلى أرقام المبيعات الاستثنائية التي تحققت سنة بعد سنة في المزاد السنوي في بودلاسكي. هذا لا مثيل له حقا في أي مكان آخر في العالم، كما أنه يوفر الكثير من الدعاية والهيبة لبولندا. ونلاحظ أيضا أن النمو في مزارع التشبية في بولندا خلال العقود القليلة الماضية كان سببه، في جزء منه، الخيول القادمة من هذه المرابط المملوكة للدولة. كما لقي النجاح الذي أحرزته الخيول البولندية التابعة للقطاع الخاصة والعمل الجاد من مربيها الإشادة المتزايدة على مستوى العالم. ومع ذلك، ظلت بقية دول العالم عن ثقته من أن تراث لا يقدر بثمن من جميع آباء وأمهات الخيول الموجودة سوف يكون دائما محفوظا، وسوف يحمل إلى المستقبل في مرابط بودلاسكي ، وميشالو وبيالكا. ظلت هذه المهمة على الدوام موكولة إلى أيادي قادرة من خبراء معترف بهم، والذين شهدوا تقييم كل حصان في تلك الأنساب عودة الى الوراء إلى أجيال وحتى أكثر من ذلك، وبالتالي حازوا على الخبرة الكافية لاتخاذ القرارات اللازمة للتشبية لضمان تحقيق نتائج إيجابية.
والسبب من تحرير هذه الرسالة هو، بطبيعة الحال، لا للتشكيك في قرارات الحكومة البولندية وحقها فيما يتعلق بأعمالهم الأخيرة. نحن ببساطة وبلطف نرغب في تسليط الضوء على بواعث قلقنا البالغ. إنه خطر كبير أن نخسر، وبين عشية وضحاها، وبطريقة مفاجئة، العقود المتراكمة من خبرة هؤلاء الأفراد الثلاثة المؤهلين تأهيلا عاليا، وجميعهم يحتل مرتبة عالية بين الجهات الرائدة في العالم في مجال سلالة الخيول العربية. كما أن السماح لأناس عديمي الخبرة لاتخاذ العديد من القرارات المهمة الضرورية لمستقبل ناجح معافى لهذه المؤسسات العالمية الشهيرة يمكن، دون أدنى شك، أن يؤدي إلى تراجع سريع وخطير لمعاييرها العالية الراهنة. هذه الخسارة المحتملة لمثل هذا التراث الذي لا يقدر بثمن والفريد من نوعها- كنوز الوطنية العظيمة من الخيول العربية البولندية التي يفتخر بها الشعب البولندي وذلك فخورة بحق والتي تمت رعايتها لفترة طويلة – غير وارد بالنسبة للمجتمع الدولي المغرم بالواهو.
وفي الختام، فإننا نناشدكم مع فائق احترامنا لكم إيلاء اهتمامكم لعودة كل من الدكتور ماريك تريلا، والسيد جيرزي لبلوبوك والسيدة آنا ستوجانيكا إلى وظائفهم، من أجل أن نكون قادرين على العمل على نقل ثروتهم من المعارف إلى خلفائهم بشكل منظم وفي الوقت المناسب، كما كان الحال دائما عبر تاريخ طويل ومشرف لتربية الخيول العربية في بولندا.
مخلصكم
بيتر جي بوند
رئيس منظمة الحصان العربي العالمية