بقلم: سيندي الرايخ | ترجمة (الأصالة)
كانت الفرس الكستنائية راقدة على القش في بوكس الولادة منهكة وفي حالة ذهول بعض الشيء. فلقد ولدت للتو مهرة كبيرة الحجم وكانت المهرة سليمة وقوية وتضرب بقدميها على الأرضية بينما كانت تحاول الوقوف. ونسبة لأن عمرها بضعة ساعات فقط ولا تزال رطبة كانت على وشك أن تكون قادرة على الوقوف على قدميها. وقفت أنا على مدخل البوكس أراقبها وانتظرها. لم أكن مرتاحة بأن الفرس لم تنظر أو تصهل من أجل مهرتها الوليدة. لقد كانت فرسا لم يسبق لها الولادة وهذه هي مهرتها الأولى. فجأة، رفعت الفرس رأسها واتسعت حدقات عيناها. أدارت رأسها لتنظر إلى المهرة ثم شدت جسدها عندما استعدت للقفز على قدميها. كنت بالفعل أتحرك بهدوء ولكن بسرعة. فركت يدي على المهرة الرطبة وخطوت نحو رأس الفرس واضعة يداي على مناخيرها ثم انتظرت وأنا أحبس أنفاسي.
بينما استنشقت الفرس السائل السلوي الذي يحيط بالجنين من على مهرتها كانت عيناها ناعمتين. خفضت رأسها على الأرض وبدأت في الحمحمة والصهيل. زفرت أنا أيضا وسحبت المهرة أمامها وكنت مستعدة لأسحبها إذا ما أظهرت الفرس أية علامات عدوانية.
لحسن الحظ في هذه المرة، بدأت الفرس في لعق مهرتها ومرت بقية عملية الولادة هادئة. فقد سمحت للمهرة بالرضاعة وأظهرت سلوك فرس الإنتاج المثالية، على الرغم من أن هذه كانت ولادتها الأولى. من ناحية أخرى كان يمكن أن يكون لهذ الإفلاء نتائج مختلفة جدا، كما أن ظاهرة رفض المهور أكثر شيوعا في الخيل العربية من بقية السلالات الأخرى.
ما الذي يجعل الفرس ترفض مهرها؟ وفقا للدكتورة كاثرين هوت من جامعة كورنيل هناك ثلاثة أنواع رئيسية لرفض المهور في الأفراس: الأفراس التي تقبل المهر لكنها لا تدعه يرضع، الأفراس التي تخاف من مهرها وتحاول تجنبه، والأفراس التي تحاول إصابة مهرها.
الفرس الكستنائية في هذه المقالة كانت من الواضح خائفة من مهرتها وكانت على استعداد للقفز على قدميها والابتعاد قدر الإمكان منها. وبوصفها فرسا تلد لأول مرة، كانت أكثر عرضة لهذا النوع من السلوك. يصعب على المرء أن يلقي باللائمة على الفرس التي تلد بعد مخاض عسير ومؤلم، تستدير وتجد مخلوقا غريبا معها في البوكس. هناك سلسلة معقدة من الأحداث التي تكتنف عملية الإفلاء وتعد الرائحة مهمة جدا في هذه العملية. ولقد أوقفت عدة سيناريوهات محتملة لرفض المهور باستخدام محفز الرائحة. هل تمنع الرائحة أية فرس من رفض مهرها؟ كلا، ولكن الرائحة مهمة جدا.
لقد نشأت وأنا أربي الأغنام، وكان من الشائع إذا فقدت شاة حملا أن يسلخ الحمل الميت ويعلق الجلد على الحمل الذي يكون بحاجة لأم. معظم النعاج تتقبل الحمل الرضيع بسهولة كما لو أن رائحته تبدو مثل رائحة “حملها”. بعد يوم أو نحوه يمكن إزالة جلد الحمل النافق ولن تلاحظ النعجة ذلك لأن العلاقة آو الارتباط يكون قد حدث بالفعل.
عند محاولة إدخال الأمهار الكبيرة على الأفراس المرضعة كنت غالبا ما استخدم محفز الرائحة (فيك فابورب) (Vick’s VapoRub) على مناخير الأفراس ومن ثم أنشره على أسفل ظهر المهر ورقبته وعلى رأسه. كانت رائحة (فابورب) المستخدمة على المهر هي نفسها المستخدمة على مناخير الفرس ولم تتصور بأن المهر “غريب”.
إذا كانت لديكم فرس فقدت مهرها عند الولادة وكان هناك شخص ما لديه مهر يحتاج إلى أم، يمكنكم أن تأخذوا ما تبقى من الكيس الذي يحيط بالجنين وفركه على المهر الرضيع أو استخدام المشيمة الجديدة. تتعرف الفرس على الرائحة بأنها رائحة “مهرها” ويمكنها بكل سهولة قبول المهر الرضيع.
إلا أن ذلك ينجح فقط إذا كنتم تدخلون مهرا على فرس مرضعة عند الولادة أما ادخال مهر كبير السن (بعد رمي المشيمة وكل الأغشية منذ فترة طويلة) يتطلب الأمر استخدام (فابورب) أو إجراء آخر لتحريك الاستجابة للرائحة.
إنني لا أعرف ما الذي يسبب ردة الفعل هذه، ولكن قدرة الأم على التعرف على نسلها عن طريق الرائحة موثق بشكل جيد في العديد من الأنواع ويمكن استخدامه في هذه الحالات.
ما هي الأفراس الأكثر عرضة لرفض انتاجها من المهور ؟
أولا وقبل كل شيء، وفقا للدكتورة هوت، فإن الخيل العربية أكثر عرضة لرفض مهورها من السلالات الأخرى. وفي دراسة مسحية كانت قد أجرتها رفضت 5.1 بالمائة من الأفراس العربية مهورها مقارنة بـ 1.9 بالمائة في الخيول الملونة. وفي دراسة على 28 فرسا في مربط ياباني لخيول الثوروبريد كان معدل الرفض اقل من 1 بالمائة. وما هو أكثر إثارة للاهتمام هو أن هوت وجدت رباطا عائليا أيضا. أفادت التقارير أنه في الأفراس العربية إذا كانت الجدة ترفض المهر، فإن الفرس ستكون في خطر أكبر من رفض المهر كذلك.
الأفراس التي كانت لها مهورا عديدة ورفضت اثنين أو أكثر تكون عرضة لرفض المزيد من المهور بغض النظر عن السلالة.
الأفراس التي لم تسبق لها الولادة تكون أكثر عرضة لرفض المهر بخلاف الأفراس التي كانت لها ولادات متعددة. أية فرس تم فصلها عن مهرها خلال الساعات القليلة الأولى بعد الولادة تكون في خطر أكبر من رفض المهر. وعلى الرغم من أن العديد من الناس يقولون: “إذا كانت الفرس ترفض المهر، فذلك لأن هناك خطب ما بشأنه وليس المقصود هو البقاء على قيد الحياة،” وهذا ليس صحيحا. في واقع الأمر كما تقول الدكتورة هوت إنّ معدّل وفيات المهور المرفوضة هو 6 في المئة، وبالتالي فإن 94 في المئة تبقى على قيد الحياة بالنظر إلى العلاج المناسب.
كيف يمكنكم معرفة أن الفرس تحاول رفض مهرها ؟
من الواضح أن الفرس التي تمسك بمهرها من رقبته وتلوح به نحو الأرض لا تظهر سلوك أمومة معتاد. ووفقا للدكتورة هوت، فإن 82 في المئة من الأفراس تلعق مهورها في حين أن 38 في المائة فقط من الأفراس ترفض لعق مهورها. و بينما 88 في المئة من الأفراس الرافضة تركل مهورها، فإن عددا قليلا جدا من الأفراس تركل مهورها. بعض الأفراس قد ترفع ساقها محذرة وخاصة إذا كان لديها التهاب الضرع، لكنها لا تركل مهورها بقوة. إحدى الحقائق المثيرة هي أن 33 في المئة من الأفراس الرافضة لمهورها، على سبيل المثال، تدافع عنها ضد الكلاب أو غيرها من التهديدات. في الواقع، يمكن في بعض الأحيان أن تستخدم الكلاب بنجاح لجعل الفرس تدافع عن مهرها، وبالتالي يحتمل أن تكون مجبرة على قبوله.