“لم يخلق الجواد العربي للجمال والزينة فقط، بل هو للجمال وجودة الأداء والقدرة على التحمل، فربما نشاهد فرساً لا يعجبنا شكلها، تجول في الميدان بأبهى صورة، تنطلق بسرعة كبيرة، ويطول بها الشوط دون أن تتعب”… مجموعة من الأحرف كونت رأيا، جاد بها لسان العربي (نضال خضر معيوف)، شاركه ذات الرأي؛ أناس من غير العرب، فها هي الإنجليزية (سامانثا ماتوكس) تسمعنا رأيها فتقول:
لقد عدت لتوي بعد قضاء شهر مذهل في أستراليا، زرت فيه مزارع الإستيلاد والعروض، وتمتعت بالخيول الرائعة الموجودة فى هذا الجزء من العالم. وعلى الرغم من أن هذه القارة تعد واحدة من أبعد الأماكن والأوسع فى الأرض، إلا أنها تستحق الزياره.
فشعبها ليس فقط ودوداً ومضيافاً وإنما الخيول أيضاً هناك جميلة ومتفوقة في ساحات العرض المتنوعة فى جميع التخصصات.
ففى ليلة نهائيات بطولات الساحل الشرقي، لم يكن غير مألوف رؤية فحل شاب يتنافس في فئة الفروسية للصغار، وفى البطولة المفتوحة للجمال – وبالفعل حصل على ألقاب في كل منهما.
وبينما كنت أشاهد هذه الخيول تتنافس بدأت أتساءل لماذا هذا هو الحال، ولماذا الغالب فقط في أستراليا أن تأخذ الخيول العربية الاصيلة إلى الساحات بهذا الشكل؟ لقد نشأت في انجلترا في فترة الثمانينيات وهذا يعني أني قمت بزيارات منتظمة لمعارض المقاطعة، وكذلك البطولة الوطنية البريطانية وغيرها من عروض الخيول العربية. فالإهتمام بسلالة الخيول العربية كان فى جذوري – والدتي كان لديها حصان فى نسبه السلالة العربية من قبل ان أولد، وأول حصان عربى أصيل امتلكته عندما كنت طفلة صغيرة – وكانت تلك الأيام في جميع أنحاء البلاد التى كان الحصان يسحب من المرعى قبل يوم واحد لينظف وتوضع له الضمادات ليوضع فى الكشك، وفي اليوم التالي نستيقظ فى وقت مبكر لنأخذ الحصان إلى العرض، حيث كنا نعرضه بأنفسنا، وفي عدد مختلف من الفئات قبل العوده إلى المنزل ووضعه مرة أخرى بالمرعى ونكرر المغامرة في الأسبوع التالي، وفي أثناء الأسبوع نركب هذا الحصان العربي فى الحقول، أو نمشى معه فى ممرات البلاد فهو حصان لكل الأغراض، وتأتى مرة أخرى وتزداد شعبيتها جدا والناس التي لم تربى الخيول العربية بعد، ستحضر لمشاهدة هذه الخيول الجميلة، دائما، من خلال هذه النافذة الرائعة للسلالة، فإن هؤلاء الزوار يقومون بشراء خيول بها سلالة عربية، وبعد ذلك يشترون خيولا عربية أصيلة، وتبدأ الحلقة من جديد.
ثلاثون عاماً، قد تغير خلالها الزمان ويبدو أنه فقط في حالات نادرة يسمح للحصان العربي الأصيل أن يكون وفياً لأصله – ليظهر براعته بالسرج وجميع نقاط القوة العظيمة التي لديه التى تجعله مناسباً لذلك، فإن عروض الجمال كزينة الكعكة فقط. فمن الناحية التاريخية، كان الحصان العربي الحصان المفضل للركوب في المعارك، لقدرته على التحمل، وقوته، وقوة أعصابه. وقد كانت الفرس العربية المفضلة على الكل، لهدوئها وصبرها فضلاً عن ولائها وشجاعتها. في القرن العشرين كانت كل الخيول لا تزال تركب فى جميع أنحاء العالم. الفحول تمتطى بإنتظام بإعتبارها وسيلة للحفاظ على رياضيته، بل لتنشغل عقولهم، فمن منا لم يبتسم عندما رأى صورة بطل العالم الفحل مروان الشقب (غزال الشقب x ليتل ليزا فام من فام فى أف من كاتازا) الذى يركب في انحاء الريف فى تكساس؟ لا يزال الحصان العربي من وجهة نظر أغلبية هواة الخيول العربية الحصان الذى يستطيع الفوز بمسابقة جمال، والأسبوع التالى يفوز في مسابقة ركوب. كما برع الحصان العربى خاصة في القدرة والتحمل، بسبب إنخفاض معدل ضربات قلبه وقوته الهائلة التى جعلته يتفوق على السلالات الأخرى ففي السنوات العشر إلى العشرين الماضية أصبحت فكرة إمتطاء الحصان العربي الأصيل تدعو إلى السخرية، فهو دور الحصان “القبيح” الذى لا يستطيع الوصول للقمة في ساحات العرض.
مع مرور الوقت إتسعت هذه الفجوة. هناك الآن إنقسام واضح جداً في عالم تربية الحصان العربي، حيث تكون الخيول إما أن للعرض فقط أو للركوب فقط – ويستحيل أن يكون الإثنين معاً وحتى الآن، هناك بعض الخيول التي تفعل كل شيء وتفعل ذلك بلياقة، وبينما يمكن العثور على الكثير من هذه الخيول العربية في جميع أنحاء العالم، فإن غالبيتها، على ما يبدو في أستراليا.
بالنظر إلى كلاس )تى أس ماليك x كارمه من كابور وأيه أن اريتا) فهو مثال ممتاز للحصان العربي الشامل متعدد المواهب. إنه فحل أزرق عمره تسع سنوات، تعود ملكيته وإنتاجه إلى مربط ميلاوا للخيول العربية، وقد برع كلاس في ساحات الركوب التى التى شارك بها على مدار ثلاث سنوات متتالية، حيث حصل كلاس على ألقاب البطولة الوطنية الأسترالية، فلقب ببطل البطولة الوطنية الأسترالية لعام 2009 والبطولة الوطنية الأسترالية للركوب عام 2010 وفي عام 2011 كان بطل البطولة الوطنية الأسترالية فى مسابقات الرعى. فهو يعتبر فحل منتج مثالي. إن كلاس هو سفير حقيقي لسلالة الخيول العربية في جميع أنحاء العالم، وهو يؤكد إمكانية أن يتميز الحصان بكل شيء –النوع والجمال والكاريزما والبراعة. فمنتجوه جريج وجولي وفاريل جين، فخورون بإنجازات كلاس والهدف الذى يرجوه من خيولهم جميعاً أن يبرعوا في عروض الجمال والأداء معاً، وليس أمر واحد فقط، فهم يعتقدون أن الخيول العربية يجب أن تتألق في كل ما تفعله، وليس إختيار طريق إنفرادي في إتجاه واحد فقط.
إني أذكر بطولة هذا العام فى الساحل الشرقي حيث كان الفحل برنس تشارمينج أف أف (بروملرباز فيوتشير x بريميرفالى تشارمد من دسبرادو وبريميرفالى سبلبوند)، من إنتاج كيت ودويل ديرتل ملاك مربط فيوتشر، ويمتلكه بالشراكة مع مربط تيمار. ولد في عام 2007، وقد فاز هذا الفحل الأزرق اللافت للأنظار مجموعة من الألقاب في عروض الجمال والآن يضع بصمته في ساحة عروض الركوب. في العرض، فاز ببطولة الفروسية قبل أن يتم منحه لقب ضمن أفضل خمسة أوائل في عرض الجمال النهائي. إن برنس تشارمينج أف أف مذهل بالتأكيد وإننى واثقة من أنه سيواصل إنجازاته. في الواقع، لقد خرج مرة من الساحة بعد نجاحه فى مسابقة فروسية ليرجع فى غضون ساعة للحصول على لقب فى عرض للجمال، أليست هذه إشارة بأنه يمكن للحصان العربي أن يفعل كل شيء؟ مثل ميلاوا، إن جانب الأداء للحصان العربي هو مفتاح مزارع فيوتشر، فقد كانت كيت تركب خيول عروض الجمال بإنتظام للمشاركة فى البطولات عبر أستراليا ونيوزيلندا. إن هذين ليسا سوى مثالين للخيول العربية متعددة المواهب، التي تشارك في مسابقات الجمال وحلقات الركوب وتتمتع بالنجاح إلى جانب ذلك. ويمكن العثور عليها في جميع أنحاء العالم، إذا نظرتم عن كثب. في وقت كتابة هذا المقال سيبدأ عرض سكوتسديل للحصان العربي، ويمكنك التأكد من أنه سيكون هناك عدد من الخيول ستشارك فى أكثر من ساحة للمشاركة في أكثر من عرض.
بوضع كلاس وبرنس تشارمينج أف أف في الاعتبار ألم يحن الوقت لنرى الحصان العربي على ما هو عليه حقاً ؟ وأنه ليس مجرد حيوان أليف أو حصان عروض جمال مدلل ولا حصان ركوب “قبيح”، ولكنه حصان لجميع الأغراض يذهلنا بجماله وقوته وروعته، لقد أعجب البدو بالحصان العربي لجميع صفاته، وليس لمجرد شئ واحد، وبما أننا المسؤلين الجدد على هذه السلالة فربما ينبغي علينا أن ننظر إلى الحصان العربى بشكل كامل مرة أخرى، بدلاً من أنه شيء يهرول إلى جانبنا مربوط بنا بحبل. إن الحصان العربي يستحق أكثر من ذلك بكثير.