كتبت كريستي ليستي – لاسير | ترجمة (الأصالة)
هل لديكم فرس تعاني من اضطرابات في الإنجاب تمنعها من الحمل حتى نهاية الفترة؟ وماذا عن الفرس المسنة والتي ليست في حاجة إلى تحمل مصاعب الحمل و الولادة؟ ربما توجد لديكم أيضا فرس مشهورة يوجد طلب مرتفع على مواليدها وهناك حاجة لإنجاب العديد من الأمهار خلال سنة واحدة. أو ربما تكون هنالك حاجة لإنجاب أحد خيول الرياضة أو السباق الموهوبة دون أن يتم إخراج تلك الفرس عن حلبة المنافسة.
لهذه الأسباب وغيرها ربما تكون هناك حاجة لأن ينقل الطبيب البيطري أحد الأجنة إلى فرس أخرى تحمل وتلد مهر تلك الفرس. ولعل نقل أحد الأجنة من فرس إلى أخرى يعد عملية محفوفة بالمخاطر ويجب ألا يقوم بها إلا اختصاصي خيول متمرس. إن التوقيت الناجح لاستخلاص البويضات قد يكون خادعا لأن الأطباء البيطريين لا يستطيعون إلا استخلاص البويضات المخصبة (الأجنة) من الرحم في أوقات محددة. وعلى نحو شائع يقوم الأطباء بنقل الجنين مباشرة إلى فرس مستقبلة أو متلقية لأن تجميد هذه الأجنة من أجل الاستخدام اللاحق لم يكن تاريخيا ناجحا في الخيول كما هو الحال مع الأجناس الحيوانية الأخرى.
لحسن الحظ، فإن التطورات الحديثة في مجال معالجة الأجنة والبويضات (التزجية، شفط الخليات البيضية، قذف المني داخل الهيولي والتخصيب في المختبر بالإضافة إلى طرق نقل الأجنة التقليدية) قد طرحت المزيد من الخيارات حول نجاح عمليات الإنجاب أكثر من الماضي. ولسوف تقدم كلا من اختصاصية الطب البيطري الدكتورة كريستين اوريخ، رئيس معهد غراف ليندورف لعلم الخيول بنيوستاد، المانيا وماريا رايموند شنوبريخ اختصاصية الطب البيطري والمعالجة السريرية للخصوبة بمستشفى رود آند رايدل بليكسينغتون، كنتاكي شرحا حول عملية نقل الأجنة بالطريقة التقليدية و العصرية على حد سواء.
العملية التقليدية
في هذه العملية يوجد لدى المربين المزيد من خيارات الإنجاب المدعومة في متناول أيديهم بخلاف ما كانوا عليه خلال عقود قليلة مضت. ولذلك من الشائع الآن الحديث عن عملية نقل الأجنة ” التقليدية” بما أن العمليات المبتكرة أصبحت مجدية أكثر.
في العمليات التقليدية يقوم الأطباء البيطريون بمراقبة تبويض الأفراس من خلال الجس عبر المستقيم والموجات فوق الصوتية وفي بعض الأحيان يستخدمون الفحول المستثارة لمساعدتهم في التعرف على مرحلة الدورة النزوية للفرس.
وخلال الفترة التي يقدر فيها الطبيب البيطري تبويض الفرس يقوم الطبيب أو الطبيبة البيطرية بتخصيبها باستخدام مني طازج ومبرد أو مجمد من فحل تم اختياره. وبعد سبعة إلى ثمانية أيام لاحقة يقوم الطبيب البيطري بشطف الرحم ليصل- ويقيم- محتوياته ثم يتم عزل أية أجنة من السائل الرحمي و ثم ينقل أحد الأجنة إلى رحم فرس أخرى تم اختيارها مسبقا. وبعد أسبوع يقوم الطبيب البيطري بإجراء تصوير بالموجات فوق الصوتية لفحص ذلك الجنين “ليتم أخذه” أو يكون الحمل قد ثبت ثم ينمو بشكل طبيعي.
الخطوة الأولى: مزامنة دورات الشبق
أحد العناصر الحاسمة في عملية نقل الجنين الناجحة هو توقيت دورات الشبق لفرسين- المانحة (التي توفر الجنين) والمستقبلة أو المتلقية (التي تحمل الجنين حتى نهاية الفترة). ومن المهم أن يكون رحم الفرس المستقبلة مستعدا لاستقبال وتغذية الجنين.
يكون الكثير من الملاك قد اختاروا فرسهم المستقبلة إلا أن توقيت دورتها الشبقية مع الفرس المانحة يشكل تحديات حقيقية كما تقول اوريخ والتي تضي
حجم الفرس المستقبلة مهم
في دراسات حديثة اختبر باحثون فرنسيون أثر حجم الفرس المستقبلة وسلالتها على النمو ومستويات الهرمونات في الأمهار التي تحملها. ولقد قامت بولين بيونت الاستاذة بمعهد البحوث الزراعية الفرنسي وفريقها بنقل أجنة الخيول صغيرة الحجم وخيول الركوب والسحب إلى أفراس صغيرة الحجم، و أفراس ركوب و سحب مستقبلة. وبينما كانت معظم الأجنة في الخيول ذات الحجم المناسب (والتي استخدمت كعينة تجربة) فقد قام فريق بيونت أيضا بخلط الأحجام من خلال وضع أجنة الأفراس صغيرة الحجم في أفراس السحب واجنة أفراس الركوب في الافراس الخيول صغيرة الحجم على سبيل المثال.
تبين للفريق أن مهور أفراس الركوب من الأفراس صغيرة الحجم وزنت 37% اقل من المهور التي ولدت من أفراس الركوب ولكنها أمضت متوسط أسبوعين زيادة في الرحم. أما مهور الأفراس صغيرة الحجم من أفراس السحب فقد ولدت قبل أسبوعين من مهور الأفراس صغيرة الحجم المولودة من الأفراس صغيرة الحجم وكانت أثقل في وزنها بنسبة 37% عند الولادة. تقول بولين بيونت إن الأفراس المستقبلة آثرت أيضا في ارتفاع الغارب وطول عظم الساق و محيط الجذع ومعدل النمو كما اختلفت مستويات بعض الهرمونات- وهي تحديدا الانسولين وعوامل النمو- على نحو كبير بين المهور الرضيعة المولودة من مختلف أنواع الأفراس.
وتقول اوريخ إن إيواء الأفراس في نفس المرعى لتشجيع التزامن “الطبيعي” للدورة الشبق لن يفيد كثيرا. وخلافا للاعتقاد الشائع المبني على الدراسات البشرية فان الفيرومونات لا تعمل على مزامنة ذلك حيث يكمن أن يكون هناك قطيعا مكونا من 25 فرسا تحدث دوراتها الشبقية جميعا في أيام مختلفة.
وتقول اوريخ أيضا إن الحل الأفضل هو أن يكون هناك خيارات واسعة من بين الأفراس المستقبلة لاختيار إحداها. وبهذه الطريقة يمكن للأطباء البيطريين اختيار الفرس التي تعتبر دورتها الشبقية من ناحية طبيعية أقرب إلى دورة الفرس المانحة. ما يحدث في الأساس هو أن يتم موائمة الدورة الشبقية على الفرس بدلا عن موائمة الفرس على دورة الشبق. وتوجد لدى الكثير من مراكز نقل الأجنة قطعان من الأفراس للانتخاب من بينها ويمكن للمربين استئجار الفرس الملائمة لموسم وإرجاعها إلى المرفق بعد الفطام. فعلى سبيل المثال يمنح مركز ليندورف قطيعا مستقبلا مكونا من حوالي 30 فرسا ويوفر مستشفى روود آند رايدل حوالي 60 فرسا. وبحسب شنوبريخ أنه كلما كان القطيع كبيرا تكون الفرص أفضل في الحصول على فرس تمت مزامنتها على نحو مثالي. وفي بعض القطعان في الولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين توجد مئات الأفراس المستقبلة.
تحديات التجميد والإذابة
أحد الخيارات هو أنه بمجرد أن يحصل الطبيب البيطري على الجنين يقوم بتجميده أو يستخدم طريقة تسمى التزجيج للمحافظة عليه بدلا من نقله مباشرة إلى فرس مستقبلة. ويقود هذا إلى العديد من الفوائد كما تقول اوريخ. ربما يكون الأمر الأكثر أهمية هو القدرة على استخدام فرس مستقبلة محددة. فبمجرد أن تكون المستقبلة المرغوبة في دورتها الشبقية المثالية من أجل زراعة الجنين فإن الجنين المجمد يمكن إذابته ونقله إلى داخلها.
بالإضافة إلى ذلك يمكن للمستشفيات تخزين الأجنة المجمدة لعدد من السنوات حتى يكون المربي في حاجة لاستخدامها أو بيعها أو شحنها إلى أي مكان. وإذا ما تم إنتاج العديد من الأجنة من عملية استخراج أجنة واحدة من إحدى الأفراس المانحة خلال الموسم، فان هذه الأجنة يمكن تجميدها و نقلها في وقت لاحق إلى داخل إحدى الأفراس المستقبلة التي أدركت النقطة المثالية خلال دورتها الشبقية.
تقول اوريخ لسوء الحظ لا تحتمل أجنة الخيول التجميد مثلها مثل الأجناس الحيوانية الأخرى كالماشية، حيث أن النتوءات حول الجنين تحبس الماء الذي يتمدد عند التجميد. ولذلك يجب على الطبيب الممارس استخدام مانعة تجمد الخلية (وهي مادة تستخدم لحماية النسيج من ضرر التجمد) لتقليل تكون البلورات الثلجية داخل الجنين خلال علمية التجميد. وفي الوقت الحالي تؤدي طرق التجميد التقليدية إلى معدل حمل يبلغ 25% مقابل معدل 80% بعد النقل الطازج للجنين.
تقول اوريخ: لقد قادت عملية التزجيج (تحويل السائل حول الجنين إلى مادة شبيهة بالزجاج لتجنب تكون الثلج) إلى نتائج طيبة. و يعمل الباحثون بجامعة ايه اند ام بولاية تكساس على تحسين العملية بحيث يفرغون الأجنة البالغة من العمر سبعة أو ثمانية أيام من السائل المحيط بها قبل تخزينها في النتروجين السائل. و تستعيد الأجنة التي تم تقليصها شكلها الطبيعي وحجم السائل بعد الإذابة وتمريرها من خلال سلسلة من السوائل. تؤدي عملية التزجيج هذه حاليا إلى معدل حمل/حياة مهور يبلغ 70% وتكلف ما بين 600- 700 دولار للجنين الواحد.
المغادرون والواصلون: الحقن المجهري وأطفال الأنابيب
يعمل الباحثون على تحسين عملية نقل الأجنة وإيجاد طرق لتحسين معدلات نجاحها وجدواها. وربما لا يكون نقل الأجنة خيارا بالنسبة للأفراس بسبب البيئة الرحمية غير المواتية، أو تضرر قنوات المبيض أو الإصابة بالمرض أو أن الأعداد المحددة للحيوانات المنوية المتاحة للتلقيح غير كافية، إلا أن التطورات العلمية مثل الحقن المجهري وأطفال الأنابيب قد زادت من فرص إنجاب مهر من هذه الأفراس.
حقن الحيوانات المنوية في البويضة: ومن خلال هذه العملية يأخذ العلماء حيوانا منويا واحدا ويحقنونه مباشرة في البويضة الناضجة في بيئة معملية. وحتى الآن تمت ولادة أكثر من 300 مهر على مستوى العالم عن طريق الحقن المجهري منذ دخول هذا الإجراء في منتصف التسعينيات.
في عام 2014 طرحت مجموعة تشونبريتش سحب البويضة مباشرة من المبيض باستخدام الإبرة الموجهة بالأمواج فوق الصوتية (بدلا من انتظار إطلاقها خلال عملية الإباضة). وفي حين تكون واحدة فقط أو اثنتان من البويضات ناضجة بما فيه الكفاية للإباضة في وقت واحد، يمكن للأطباء البيطريين استخلاص العديد (حوالي سبعة) من البويضات غير الناضجة في عملية سحب واحدة لتشحن إلى مركز الحقن المجهري المتخصص من أجل الإنضاج و التخصيب. و بمجرد تخصيبها، يتطور حوالي 20٪ منها إلى أجنة يمكن نقلها، مع معدل حمل/حياة مهور يبلغ حاليا 65٪ / بعد النقل. و إذا ما تم تكوين أجنة متعددة من عملية سحب واحدة، فإن المربين الذين استخدموا طريقة الحقن المجهري بإمكانهم نقل هذه الأجنة إلى عدة أفراس مستقبلة في وقت واحد.
تقول تشونبريتش: “و الآن هل يمكن للطبيب اختيار الحيوانات المنوية التي من شأنها تخصيب البويضات؟ “غالبا ما يستند هذا الاختيار إلى قدرة الحيوانات المنوية على الحركة و التشكل” وتضيف تشونبريتش: “لكن من الواضح قد يكون هناك شيء غير طبيعي لا يمكن الكشف عنه من خلال هذه المعايير.”
للأجنة المجهرية معدل هلاك مبكر أعلى قليلا من ( 20٪ خلال الـ 30 يوما الأولى، مقارنة ب 10٪ في نقل الأجنة التقليدي)، وهو بحسب تشونبريتش على الأرجح بسبب “الخطوات المتعددة التي تنطوي عليها عملية تطور ونقل ذلك الجنين خارج بيئة الرحم الطبيعية”.
يمكن أن يقود سحب البويضة أيضا إلى مضاعفات مثل العدوى، النزيف، أو تشكل الالتصاق. تقول تشونبريتش في حين أن هذه المخاطر قليلة، فإنه لا يزال من المهم وضعها في الحسبان. وتمضي بقولها: ” من الناحية المثالية ينبغي أن يكون الحقن المجهري للأفراس التي لا يمكن نقل الجنين إليها أو أن مقدار الحيوانات المنوية محدودا”.
بالنسبة للتخصيب في المختبر، يحاول باحثون فرنسيون وأمريكيون إنجاب الخيول بنجاح من خلال وضع الحيوانات المنوية و البويضات معا عن طريق الاستزراع في المختبر والسماح لها بالتخصيب بشكل طبيعي، مما يقلل الحاجة لطول الوقت، والمعدات المجهرية المتخصصة، والأشخاص ذوي الصلة الذين يتطلبهم الحقن المجهري. و في حين أن معدلات نجاح عمليات التلقيح الصناعي في الطب البشري جعلت الطريقة شائعة عمليا لعلاج العقم، إلا أنها لا تزال صعبة جدا في الخيول، ويبدو أن الحيوانات المنوية و بويضات الخيول لا تتوافق جيدا في المختبر، وعندما يحدث ذلك، تكون للأجنة معدلات ضئيلة للبقاء على قيد الحياة.
ظلت الباحثة غيلين غاودت أستاذة معمل التكاثر و سيكلوجيا السلوك بمعهد البحوث الزراعية الوطني الفرنسي، تعمل على تطوير الوسط السائل الذي تنضج فيه البويضات و تساعد على الإخصاب في المختبر.
ولقد درست مجموعتها مؤخرا مجموعة متنوعة من الوسائط الاصطناعية والطبيعية و شبه الاصطناعية للعثور على العملية المناسبة التي من شأنها أن تؤدي إلى ظهور أول علامة من علامات نجاح الجنين.
النشر السابق للنواة. تحدث هذه الظاهرة عندما تبدأ البويضة ونواة الحيوان المنوي في الانتشار في نواة واحدة.
تمكن الفريق من تخصيب 72٪ من عشرات بويضات الاختبار، و وصل الرقم إلى 100٪ في العمليات التي أجريت عن طريق النشر السابق للنواة. وهذه الوسيلة الناجحة هي مزيج خاص جدا من الأحماض الأمينية والفيتامينات والأملاح والجلوكوز التي طورت في المختبر.
الخلاصة
يوفر نقل الأجنة طريقة آمنة و موثوقة للإنجاب المعزز للأفراس التي تكون هنالك حاجة لجعلها متاحة للمنافسة أو التي لديها مشاكل صحية تمنعها من ولادة مهر أو بسبب الحاجة لإنتاج العديد من المهور في موسم واحد. و لقد ظلت تقنيات نقل الأجنة في الخيول تتقدم بسرعة، ويعمل الباحثون لتحسين العمليات وتوفير خيارات إضافية. و خلال السنوات المقبلة يأمل العلماء في أن يكونوا قادرين على تزويد المربين بمجموعة كاملة من الخيارات التي تناسب كل برنامج تربية خاص، و مراعاة صحة ورفاهية الخيول المعنية في نفس الوقت.