لأن العرب اشتهروا بالبلاغة والفصاحة؛ لم ينسوا هذه المخلوقات الجميلة، وأوفوها نصيبها، حتى في تبيين عيوبها!.. فقد جاء في بعض الكتب القديمة ما يوضح ذلك، ولنأخذ أمثلة مما قالوا عن الخيل، ننقلها كما جاءت، بدون إضافة ولا تغيير..
نالت عتاق الخيل في كلام العرب نصيبا وافرا من الألفاظ التي تدل على عتقها وكرمها؛ من ذلك: اللهموم الجيد الحسن الخلق. والصبور في العدو الذي لا يسبقه شيء طلبه ولا يدركه من جرى خلفه، والعنجوج الجيد الخلق الحسن الصورة في طول، والهذلول؛ الطويل القوي الجسيم، والذّيّال؛ الطويل الذيل، والهيكل؛ العظيم الخَلْق الحسن الطلعة، والنهد؛ الجواد العظيم الشديد الأعضاء عظيم الجوف، والجرشع؛ العظيم الخلْق الواسع البطن والضلوع، والخارجي؛ الجواد العتيق بين أبوين هجينين، والبحر؛ الكثير الجري الذي لا يصيبه التعب، وأول من أطلق هذا المصطلح الرسول صلى الله عليه وسلم. والمسوّم؛ الذي لديه علامة ينفرد بها عن غيره، والسابح الذي يرمي يديه قدما إذا جرى، والمطهَّم؛ التام الحسن الخلق، والمجنَّب؛ البعيد ما بين الرجليْن من غير اتساع، والجموح؛ النشيط السريع. والهضب؛ كثير العرق، والشّطب؛ الحسن القد، والعتيق والجواد؛ إذا كان كريم الأصل رائع الخلق، والمُعْرِب؛ إذا لم يكن فيه عرق هجين، والطموح؛ ما كان سامي الطرف حديد البصر، والسّكب؛ الخفيف السريع الجري، وبه سمي أحد أفراس الرسول صلى الله عليه وسلم.
كذلك كان للعرب كلام في مشي الخيل وعدوها، ومن ذلك الضَّبر وهو إذا وثب الحصان فجمع يديه، وإذا باعد بين خطاه وتوسع في مشيه فيسمى العنق، وإذا عكس ذلك بأن قارب بين خطاه فتسمى المشية عندئذ الهملجة، أما إذا عنق مرة وهملج أخرى فذلك يسمى الارتجال، وإذا قبض رجليه وراوح بين يديه واستقام جريه فهو الخبب، وإذا خلط العنق بالخبب فيسمى التّقدّي، وإذا لوى حافريه إلى عضديه فذلك الضّبع. أما إذا كان أثناء جريه يضع يديه ويرفعهما في آن واحد فيسمى التقريب. وإذا جمع في جريه بين التقريب والخبب فذلك العُجَيلي. والإمجاج هو أن يأخذ في العدو قبل أن يضطرم والإحضار أن يعدو عدوا متداركًا، والإرخاء أشد من الإحضار، والإهذاب أن يضطرم في عدوه، والإهماج هو قصارى جهد الفرس في العدو. على ذلك يكون ترتيب العدو كالآتي: الخبب، فالتقريب فالإمجاج فالإحضار فالإرخاء فالإهذاب ثم الإهماج.
وذكرت العرب مجموعة من الألفاظ التي يتواصل بها الفارس مع جواده. ومنها ألفاظ الزّجر، ومما استعملته العرب في ذلك: يَهْياه وهَلْ وأرحب وأقدِم وهب. وكان يقال في إسكاته وكفه عن الحركة والمرح: هلا. ويفهم الجواد الأصيل كل إشارة أو صوت يصدر من صاحبه كما يفهم الصّفير عند شرب الماء. وقالوا في ذلك: عاتبوا الخيل فإنها تعتب، أي أدّبوها فإن فيها قوة تدرك بها العتاب أمرا ونهيا .
وحتى العيوب؛ كان للعرب رأي فيها، فقد وضعوا في عيوب الخيل البدنية والعادية مصطلحات تدل على ذلك في أوصاف مخصوصة؛ من ذلك الفرس الأسفى؛ قليل شعر الناصية، والأغم؛ الذي يكثر شعر ناصيته حتى يغطي عينيه، والأزور الذي دخلت إحدى صفحتي صدره وخرجت الأخرى، والأصك؛ الذي تصطك ركبتاه وكعباه، والأعشى؛ الذي لا يرى بالليل، والأجهر؛ الضعيف البصر الذي لا يرى جيدا في الشمس، والعضوض؛ الذي يعض من يدنو منه، والنفور؛ الذي لا يثبت لمن يقترب منه، والجموح، الذي لا يوقفه اللجام عن جريه، والحرون إذا ثبَّت أرجله في الأرض وامتنع عن المشي، والقموص؛ الذي ينفض راكبه حتى يسقطه.