بقلم: فؤاد المضاحكة
يذكر الكاتب الإنجليزي بيتر أوبتن Peter Upton في كتابه “من الصحراء ” تأثير سلالة الخيول العربية على الخيل البريطانية الخفيفة وخيول البوني المحلية. ويوضح الكاتب في مقدمة كتابه بأن الإمبراطورية الرومانية غزت جزيرة بريطانيا سنة 60 ميلادية، وأحضروا معهم خيول الحرب إلى الجزيرة، و توسعوا فيها إلى أن وصلوا إلى الشمال وبنوا حائطا على حدود الإمبراطورية الشمالية سمي بحائط “هدريان”. ثم سعت إلى حماية هذا الحائط العظيم. وجلبت الإمبراطورية الرومانية ثقافاتها إلى جزيرة بريطانيا مثل التطورات الجديدة في مجال الزراعة والعمران والصناعة والهندسة المعمارية. بالإضافة إلى سباق الخيل وتربيتها، التي انتشرت بين الناس. وترك الغزاة إرثا لا يزال واضحا حتى اليوم.
تذكر المصادر التاريخية بأنه في سنة 120 ميلادية احتاجت الحامية الرومانية في شمال بريطانيا إلى دعم من فرقة الخيالة لحماية الحائط، ولكن لم تكن معهم سوى خيول من نوع “باريسيان” الجبلية، والتي أحضروها معهم من هولندا. وكانت خيول قوية، لكنها كبيرة الحجم وبطيئة. فطلبوا المدد، فأرسل لهم الإمبراطور “ماكورس” دعما من الخيول الشرقية من الشام، لخفتها وسرعة حركتها. وإضافة إلى ذلك هناك أدلة أخرى تشير بأن هناك سباقات للخيول العربية كانت تقام في القرن الثالث (206- 210 للميلاد) في منطقة وذربي Wetherby في بريطانيا. مما يشير إلى وجود الخيول العربية .
في عام 410 ميلادية انتهى تواجد الإمبراطورية الرومانية في جزيرة بريطانيا، وتركت الجزيرة لمصيرها. وتوحد البريطانيون تحت راية التنين الأحمر. وتوحد الساكسون تحت راية تحمل شعار ” رأس فرس عربية أبيض” كدليل على الشدة و القوة. كذلك تشير الآثار في مناطق الساكسون والتي ترجع إلى القرن السابع للميلاد في منطقة Siegfried بوجود قطعة أثرية عليها جواد عربي واضح المعالم ذو رقبة مقوسة .
نستخلص من هذا كله أنه كان هنالك إنتاج للخيول العربية لم يتوقف إلى يومنا هذا، وبأن هذا الإنتاج والتزاوج مع السلالات العربية بدأ بعد الحروب الصليبية، وخصوصا بعد رجوع الملك ريتشارد قلب الأسد من الشرق ومعه بعض الخيول العربية الأصيلة، والمجسد حتى الآن في تمثال للملك ريتشارد، أمام مبنى البرلمان في لندن وهو يفاخر على صهوة جواد عربي!.