عندما أتحدث عن باسك فإنني شخصياً أُحس بتأنيب الضمير إذا لم أقرِن إسمه بوصف ” الرهيب” ولذلك أنا شخصياً لا أسميه باسك (حاف) وإنما أسميه “باسك الرهيب ”
بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ، و بدأت الدول في إعادة تشييد مبانيها المدمرة و بدأت الغابات تتعافى و تكتسي من جديد بثوبها الأخضر، و كحال كل الدول التي خرجت من الحرب عادت بولندا إعادة بناء برنامج إنتاجها من الخيول العربية الأصيلة التي اشتهرت بها.
في العام ١٩٥٦ وفي مربط الحكومة ( البيغوا ) ولد مهر أحمر اللون سُمِيَ لاحقاً ( باسك ) مُحَجَل الأربع ( التحجيل هو البياض الذي يُحَجِل قوائم الخيل).
نسبه :
ينحدر باسك من ناحية الأب من الفحل (ويتراز) إبن الفحل الشهير (أوفير) أما من ناحية الأم فهو إبن الفرس التي تصنف من ضمن أفضل أفراس بولندا ( بالالكا ) إبنة الفحل ( امورات ساحب ) أخته الشقيقة المميزة ( عارفه ) و أخته الشقيقة الثانية ( بانادولا) التي تلقب (بملكة بولندا ) وهي من أنتجت الفحل الشهير ( باندوس ) من الأب (نيقاتڤ ).
نشأته :
لم تكن الأيام ولا حتى السنين الأولى من حياة باسك مميزة ، و كحال كل الخيول في بولندا في تلك الحقبة ترسل الخيول للسباق حال بلوغها الثالثة من العمر و بالأخص المهور و ذلك للتأكد من قدرتها في السباق لإدخالها في برنامج الانتاج من عدمه ، نُقل باسك برفقة أقرانه لميدان السباق وكان أداءه مرضِ إلا أنه لم يكن ذلك الأداء المبهر !!!.
كادت أن تكون النهاية !! :
أغلق مربط الحكومة (البيغوا ) برنامج إنتاج الخيول العربية وحول جميع الفحول لمربط الحكومة الاخر ( يانوف بودلاسكي ) .
ولأن البولنديون لديهم أفحل متعددة من الأب ( ويتراز ) لم يكن ( باسك ) ضمن قائمة فحول الانتاج ، وعليه ذهبت نواياهم ( الحمقاء ) لحرمان العالم من انتاج باسك و ذلك بصدور التعليمات ( فاليخصى باسك !!!) وكانت الطامة !!! لولا أن لاح في الأفق بصيصٌ من الأمل جلبه معه رجل من الولايات المتحدة يدعى ( دكتور لاكرويكس ) مالك مربط لاسما الشهير .
فلو قُدِرَ لي مقابلة هذا الرجل لأَعربتُ له عن شديد إمتناني له . عرض ( لاكرويكس ) شراء باسك من مربط ( يانوف ) بثمنٍ بخس ( ثلاث ألاف دولار ). وتمت الصفقة ، كان ينوي بيعه بعد شراءه لرجل آخر من السويد ، الا أن الاتفاق لم يتم ، ( فَتَدبَسَ ) صديقنا بالفحل !!!! . أضطُر لنقله للولايات المتحدة ( بحراً ) رحل باسك من بولندا دون أن يشبي ( يلقح ) فرس واحدة !!!
تم نقل باسك في رحلة مأساوية ( كادت أن تودي به ) تعرض في تلك الرحلة لجفاف شديد نجم عنه مغص ( المغص إن أصاب الخيل فهو كفيل أن يودي بحياة الخيل خلال ساعات ) .
وما أن عانقت السفينة التي تُقل ( باسك ) رصيف الميناء حتى أشرقت شمس باسك ليصبح إسمه ( حسب تسميتي ) بعد ذلك ( باسك الرهيب ) .
ما أن وطأت رجل ( باسك الرهيب) أرض أمريكا حتى قلب الموازيين جميعها فلم تعد الخيل العربية بعده مثل ما كانت !!!.
أشرقت شمس باسك :
لن أكون مبالغاً لو شبهت باسك بأسطول الأرمادا الأسباني أو شبهته بكاسحة الثلوج أو حتى كاسحة الألغام !!! فقد إكتسح جميع البطولات في الولايات المتحدة الأمريكية في الجمال وفِي الركوب بمختلف فئاته . تميز باسك بصحة تراكيبه الجسمانية و قوة تكوينه العضلي و قوة التكوين العظمي الذي جعله مميز في الركوب و في الجمال ، أما السمة الاجمل و التي فرضها في إنتاجه فهي جمال العنق من منبت الكتف و جمالية المَنْحَر ، كما إمتاز باسك الرهيب بجمالية الحركة ، كل تلك السمات فرضها في إنتاجه ، ولكن باسك لم يكن ذلك الفحل الضخم بل كان متوسط الحجم.
إنتاجه :
خسارة البولنديون لا تعوض في باسك . فقد فقدوا ببيع باسك الفحل الأكثر تأثيراً، وفِي محاولة للتعويض إستأجروا حفيده ( مونوقرام ) لإدخاله في برنامج إنتاجهم .
أنتج باسك ما يزيد على على ١٠٠٠ من الأبناء منهم ٤٠٠ حققوا بطولات و ٢٠٠ انتجو ابطال ، إمتازت بنات ( باسك الرهيب ) بتوريثها صفات والدهم .
من أشهر الخيول التي تحمل دماء باسك و بقوة ( باي شاه ) حيث أن أمه ( ستار أف اوفير ) إبنة باسك. الطريف في الأمر أن رسوم تشبية ( تلقيح ) باسك عند وصوله الولايات كانت ٥٠٠ دولار وقد وصلت تلك الرسوم قبل رحيله الى ١٠٠٠٠ دولار !!!.
رحيله و تخليده :
في العام ١٩٧٩ رحل باسك بعد أن تعرض لمغصٍ حاد أودى بحياته ، نفق باسك بعد أن خلد وجوده بقوة في عالم الخيل العربية و أصبح من أشهر الفحول العربية ذات الدماء المفتوحة ( إن لم يكن أشهرها ) ، وعرفاناً لفضله خلده الأمريكيون من خلال تجسيدهم له بتمثال برونزي بذات حجم جسمه نُصِبَ على قبره في متحف الخيول في ولاية كنتاكي ، فهل تُرى سيُنْتَجُ خيل بقوة تأثير باسك الرهيب في عصرنا الحالي ؟
شكراً باسك الرهيب ولن ننساك …
شكرا لك ابوناصر علي هذا الطرح الجميل ….دائما تتحفنا بقصص رائعه……شكرا
قصة من الخيال الحقيقي كنت مع باسك في كل لحظات حياته حتى… ولكن يبقى باسك الرهيب كما اطلق عليه كاتبا موجود في كل دفتر وباي مربط شكرا باسك الرهيب شكرا للدكتور لاكرويكس
الاصالة … اسم على مسمى فأنتم الاصالة بما تنشرون
لا أعلم اي كلمات تليق بكاتبا الاخ راشد ناصر ولكن اعلم انك مبدع وجعلتنا نبحر في كتاباتك الراقية
ابدعت وانا شخصيا استمتعت بما قرأت
شهادتي بكم مجروحه ولكن هذه هي الحقيقه
ما كنت اعرف هذي المعلومات ، ما شاء الله . شكرًا على أسلوبكم الشيق.
عندي فرس فيها خط باسك الرهيب .
أرجو ما تبخلون علينا من هذي المواضيع . من سنتين ما كتبتوا.
أتمنى تكتبون عن خط بادرون كذلك.
شكرًا باسك
شكرا ممكن عنوان الكاتب ، تقدمون خدمة الاستشارات
من أروع قصص الخيل على الأطلاق .. كانت مثيره/شيقه وتراتبيه، التوثيق للشخصيه/الحصان كان واضح ؛ مازاد هذا البحث/المقال هو حبكة متمرس بالقص والسرد الروائي، اسلوب كتابي راقي جدا وشيق.. أظن كل شيئ كاملا في هذه المقاله المطوله /البحث ربما ينقصها الصوره الرمز للحصان باسك أقصد المنحوته البرونز . شكرا جزيلا على المعلومات الثريه والأسلوب البلاغي في الكتابه . لكن _وانا هنا لاأنقص من جهدكم شيئ حاشئ لله ولكن استغرابي من وصفه _الرهيب_ في لفظه لاتليق الا بوحش او شبح اوالظلام … لو استبدلتها بأي عبارة لغويه في سياقها لوفقت أكثر كا(على سبيل المثال باسك _الملهم/او النادر/او المعجزه /او الأسطوري /او باسك العربي .. شكرا لك ..
اسلوب رائع مشوق ، مبـدع ياخـوي بوناصر ولا تحرمنا من مقالاتك الجميله الـي مثـلك واتمنى لـك التوفيق دائما بوالاكاليل