في مثل هذا اليوم من سنة 91 للهجرة، 710 للميلاد؛ كان بداية فتح المسلمين لبلاد الأندلس، حيث أرسل القائد موسى بن نصير سريةً تتألف من أربعمائة مقاتل، ومائة فارس يمتطون مائة من الخيل العربية الأصيلة، يقودها القائد طريف بن مالك، واندلعت معركة في جزيرة بالوماس المسمّاة حالياً باسم جزيرة طريف، وحقق المسلمون غنائم كثيرة في تلك المعركة، وحينها تولّدت لدى المسلمين فكرة عميقة عن الضعف الذي تعاني منه الدولة القوطية. وقد كان غرة رمضان بداية لحدث من أعظم أحداث التاريخ الإسلامي؛ ألا وهو فتح بلاد الأندلس. وكان ذلك العهد أزهى وأرقى عهود بلاد الأندلس منذ بدء التاريخ، وربما إلى آخر الزمان. وقد تواصل دخول الخيول العربية إلى الأندلس مع دخول العرب بقيادة القائد طارق بن زياد.
وعندما تم فتح بلاد الأندلس؛ امتزجت الخيول العربية بخيول الإسبانيين، ونتج من ذلك الحصان الأندلسي الذي ترجع سلالته إلى ذاك الزمن. وتعد هذه السلالة أفضل أنواع الخيول الأوروبية على الإطلاق. حيث يعتبر الحصان الأندلسي من أندر أنواع الخيول في العالم، ويوجد منه الآن حوالي 8500 حصانا فقط، ويعرف بأنه فصيلة مستقلة منذ أزمان سحيقة، وكان يخصص لركوب النبلاء. وقد أخذت هذه السلالة كثير من صفات الحصان العربي الأصيل، كالأعين الواسعة والآذان الصغيرة، والجبين الواسع والذيل الطويل والعرف الرائع. كما أن الحصان الأندلسي ذكي وشجاع وقوي ونشيط، وهو يجمع ما بين خفة الحركة والحماس، مع قابليته للتعلم، وقد اشتهر بقوته وصلابته في الحروب، وألوانه في الغالب هي الأبيض والرمادي والكميت. وتوصف الخيول الاندلسية بأنها جميلة وهادئة وسهلة الترويض، مع شعر كثيف وهيئة صلبة، وتتميز بشموخ وهيبة بين أجناس الخيول. وكل ذلك بسبب فتح المسلمين لبلاد الأندلس.
وقد صل الاهتمام بالحصان الأندلسي إلى ذروته في إسبانيا، في عهد الملك فيليب الثاني، حيث أمر بتشييد الإسطبلات الملكية في مدينة قرطبة، والحفاظ على سلالة هذا الحصان.
وفي العصور الحديثة؛ كانت البعثة الرسمية الإسبانية الأولى إلى البلدان العربية لاستقدام الخيول العربية منها؛ تلك التي أرسلتها الملكة إيزابيلا الثانية، فاشترت من بلاد الشام 26 فحلا و12 فرسا. ثم تتالت البعثات الإسبانية إلى البلدان العربية للغرض نفسه. وقد أنتجت عملية التهجين الإسبانية للخيول العربية مع الخيول الأندلسية وخيول الثوربرد الإنجليزية، سلالة إسبانية جيدة تتمتع بجمال الحصان العربي ورشاقته.
اعترفت منظمة الحصان العربي العالمية Waho بالسجل الرسمي الذي نشرته الحكومة الإسبانية سنة 1972م عن الخيول العربية في مرابطها، ومنذ ذلك التاريخ ازداد الطلب على الخيول العربية في إسبانيا، وتضاعف ثمنها.
انتشر الحصان الشرقي بصورة عامة، والعربي بصفة خاصة في أوروبا عبر طريقين؛ أولهما جنوبي انطلاقا من إسبانيا، حيث وطد المسلمون سلطتهم هناك طوال ثمانية قرون، وثانيهما شرقي عبّدته الجيوش العثمانية المنطلقة نحو البلقان. وازدادت معرفة الأوروبيين بالحصان العربي وتقديرهم لمزاياه الفريدة بفعل الحروب الصليبية، التي كان من آثارها انتقال أعداد كبيرة من الخيول الشرقية إلى أوروبا.