وثقنا في هذه الصحيفة من قبل عن وثائق الخيل أو حجج الخيل في مقال بعنوان: (حجة الخيل العربية.. تقليد تراثي ابتكره العرب). ومن خلال العنوان نفهم أن الحجة والتي هي عبارة عن شهادة النسب التي تحرر للدلالة على أصل ومنشأ الفرس؛ أصلها عربي، فعند البيع أو نقل الخيول إلى قبيلة أخرى، أو عندما تؤسر في الحرب، فلابد من أن تحرر لها شهادات نسب تعرف في البادية بالحجة. وقد تبقى الحجة مكتوبة ومحفوظة بمحفظة جلدية تعلق في عنق الفرس للدلالة على أصله في جميع الأوقات.
ولأهمية الموضوع، ومتعته؛ نتعرض إلى تحليل وثيقة قديمة نادرة، تتناول فرس عربية، هادفين إلى التعريف بأنماط بيعها لدى البوادي والحاضرة، وأنواعها، وأهم الأفحل التي تُشَبّى، ليقودنا ذلك إلى جوانب مجهولة في تاريخ الخيل العربية وسير أهلها الأولين من أصحاب المرابط والتجار والفرسان، معتمدين في تحليل الوثيقة على كتابات الرحالة والمؤرخين المحليين، والفلكلور الشعبي، والمقابلات.
من الغرابة أن البدو كانوا يبيعون نصف الفرس وثلثها وربعها!!، الأمر الذي أدخل كثير من المشترين في تعقيدات، بخاصة الأجانب؛ لم تحل إلا بصعوبة. ويذكر الرحالة السويسري بوركهارت أن الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود منع بيع ثلث الفرس كما تفعل عنزة، لأنه يؤدي إلى الخداع في الغالب، لكنَّه أجاز لأهل نجد بيع نصف الفرس، وهو نمط البيع المذكور في وثيقتنا محل التحليل..
نص الوثيقة:
بسم الله الرحمن الرحيم
(نعم، حضر ناصر ابن ثلاَّب الدوِّيش، وأقرَّ على أنَّه باعَ على حسن بن عبدالرحمن ابن حسين، نِصْفَ فَرَسِهِ الحمراءِ رَبْداء، وقُودْها كلّه بثمنٍ معلومٍ، قبضهُ من ناصر في12 شهر ذي الحِجَّة سنة 1300 ، وصار بينهم القرارُ على مُعْتادِ بيعِ الخيلِ أن ما جاء من الحِصِنْ فهو تبَع الخيل خاصَّة حسن، وإذا جابَتْ مهرة فمن بعد أربعة أشهر يحضر ناصر ويضْرِبْهم، ولحسن الخيار، وإن ما حضر ناصر فهو موكل: علي ابن جفن المْوَهَة مْطير في مكانه وكيل مطلق يضْرِب، ولحسن الخيار، فإن مضَنْ الأربعة ولا حضر منهم أحد فكل شهر يمضي على الفلوة خمسة أريل.
شهد بذلك ناهض الغاوي، وعبدالله بن هدلان، وأحمد آل إبراهيم آل ملحم، وكفى الله شهيداً، وصلى الله على محمد وآله وسلَّم)
حرر 12 ذو الحجة 1300
شهد به أحمد بن عبدالله ابن ملحم
مختومة في نهايتها بختم
البائع والمشتري:
تؤرِّخ الوثيقة التي أصلها من أرشيف أسرة آل حسين الكريمة بالأحساء لشراء التاجر حسن بن عبدالرحمن آل حسين (توفي 1314 هـ1897 م) لفرس عربيَّة أصيلة من رسن الرُّبد، لونها أحمر، من مالكها ناصر بن ثلاَّب الدوِّيش، وهو من قبيلة مطير، والثَّلاب فرعٌ من أسرة الدوِّيش شيوخ قبيلة مطير وزعماؤها، ولعله أحد أولاد ثلاَّب بن مخيمر بن زقم بن مفوز (فواز) بن وطبان الدويِّش، ووطبان الأول هو الجدُّ الجامع للدُّوشان، وقد التقت حملة عباس حلمي باشا الأول بمخيمر بن زقم بن مفوز (فواز) الدوِّيش، ونقلت عنه شهادته عند الحديث عن رُبْدِ الخشيبي، وأغلب نتاج الرُّبْد عند مخيمر الدويش أفراس حمراء، والفرس المذكورة في هذه الوثيقة ربداء حمراء أيضاً، ورغم عدم وجود في الشجرة من اسمه ناصر بين أبناء ثلاب الدويش المذكور، وأبناء ثلاَّب حسب شجرة الدُّوشان أربعة: منوخ وعبيد وكنعان وعبدالهادي، وليس لهم عقب، إلا عبدالهادي فإنه رُزق بحجاب. فلا يبعد أن يكون ناصر المذكور في الوثيقة أخاً لهم انقطع عقبه أيضاً، والله أعلم.
وقد عرفت قبيلة مطير والدوشان خاصةً بتربية أجود الأرسان وأعظمها قيمة، ومن خيل الدُّوشان المميزة: كحيلة كروش، والحمدانية السَّمْريَّة (تذكر الليدي آن بلنت في أحدى تدويناتها أن الإمام فيصل بنتركي آل سعود تحصَّل على مربط كحيلة كروش والحمداني السَّمْري من الدُّوشان)، وكحيلة العجوز، والعبيَّة الشرَّاكية، والمِعْنِقِيَّة الحدرجية، وربداء الخشيبي. ومما يشهد لارتباط الدُّوشان للرُّبد واستمرارها عندهم قول شيخ قبيلة مطير فيصل بن سلطان بن الحميدي : الدوِّيش من أحديةٍ له:
نَرْكَبْ على اللِّي جَدِّهِنّ (ربدان) تَفْرِقْ عَشيرٍ ن عن عَشير
أما المشتري فهو حسن بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن حسين بن عبدالله بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي. ولد في النصف الأول من القرن الثالث عشر، من أسرة تجارية، فقد فذكر المؤرخ عبدالله ابن خميس في كتابه (الدرعية)أن لهذه الأسرة أملاكاً ومزارع في الدرعية، كما كان لجد هذه الأسرة عبدالله بن حسين أن له معرفة بالفلك. أما ولدا عبدالله محمد وحمد، فقد ذكر ابن غنام في (تاريخه) أنهما من طلاب العلم.
وقد ولد لمحمد بن عبدالله بن حسين عدة أولاد، منهم: عبدالرحمن – والد المترجم )توفى عام 1354 ه(. وولد لعبدالرحمن بن محمد ولدان، أمهما: منيرة بنت ناصر بن حسين ابن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وهما: حسن، وهو مترجمنا، وصاحب الفرس المذكورة في الوثيقة، وثانيهما: عبدالله.
وفي فترة الخلاف بين أبناء الإمام فيصل بن تركي آل سعود انتقل مترجمنا حسن بن
عبدالرحمن بن محمد آل حسين إلى الأحساء، وكان تاجراً ميسوراً، ذا أملاكٍ قبل نزوله
الأحساء، وفي فترة وجيزة أصبح من كبار تجارها، واتسعت اقطاعاته الزراعية وعقاراته
في كثير من قرى الأحساء وحاضرتها، علاوةً على تجاراته الأخرى مع بومبي والبحرين والبصرة. ولم يرزق حسن بأولاد ذكور، فكان يعاونه ابنا أخيه عبدالله: عبدالرحمن ومحمد، وتزوج الأخير بناته الواحدة تلو الأخرى بعد وفاة السابقة، وكان يخدمه مماليك كثر، أعتقهم جميعاً كما في وصيته، وأوقف على المحتاج للسكن منهم بيتاً كبيراً. كما أسقط عن كثيرين ديونهم التي له حسب ما هو موجود في سجلاته التجارية (ولا تزال هذه السجلات محفوظة لدى أسرة آل حسين، وهي بحوزة الشيخ حسن بن عبدالرحمن آل حسين بالأحساء) ، وله أوقاف خيرية كثيرة جلها في الأحساء، وبعضها في الرياض، وله تركة واسعة استمرت قسمتها عدة سنوات حسب ما هو مذكور من وثائق قسمة عقاراته، كما اعتنى بوقف كثير من الكتب التي تشتت أغلبها بعد وفاته، وكان يكتب له بعض وثائقه الشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن بن طوق، وعمل عنده الإخوة القصيبي قبل عملهم مع عبدالرحمن ابن عيدان، وقبل استقلالهم بتجاراتهم الخاصة ، وكان معدوداً في أعيان البلاد الذين تأخذ أختامهم في العرائض المرفوعة من ولاة الأحساء أو أعيانها.
توفي وهو متوجه للحج في مدينة عنيزة بالقصيم في ) ١٢/شعبان/ ١٣١٤هـ(، الموافق
16/1/1897 م(، وقد ذكره المؤرخ إبراهيم ابن عيسى في (كناشه) ، وابن بسام في . ((تحفة المشتاق))
طرق بيع الخيل عند البادية:
تُشير الوثيقة إلى إحدى طرائق بيع الخيل، وهو بيع النصف كما تسميه البادية، ويعتبر أحد أنماط الشراكة في الخيل، وله أحكامه ونظامه عند البدو، ويشرح لنا نصُّ الوثيقة طريقة هذا البيع بأن إنتاج الفرس من الأفحل يكون للمشتري فتقول الوثيقة:
“وصار بينهم القرار على معتاد بيع الخيل أن ما جاء من الحصن فهو تبع الخيل خاصة حسن”، أما الأفراس فإنها تكون بالمضاربة بين المشتري والبائع، وللمشتري – ابن حسين – الخيار في الإبقاء على الفلوة ودفع نصف ثمنها إلى شريكه – الدويش –، ويكون ذلك بعد مضي أربعة أشهر على ولادة الفلوة، كما عَيَّنَ البائع – الدويش – من يضارب بالنيابة عنه في حال غيابه، وهو علي بن جفن من فخذ المْوَهَة من بطن علوى من قبيلة مطير، وإن مضت الأربعة أشهر ولم يحضر البائع – الدويش – ولا وكيله – علي بن جفن المويهي المطيري – فإن على الدويش أن يدفع لقاء عناية ابن حسين بالفلوة ثمناً قدره خمسة ريالات فضيَّة، لأنه ما زال يمتلك نصف الفلوة، ومما يُمَيِّز هذه الوثيقة ويعطيها أهمية كبرى كمصدر لصورة هذا البيع ما جاء في أوَّلها: “وصار
بينهم القرار على معتاد بيع الخيل”، مما يعني أن صورة البيع المذكورة هي قانون البيع المعتاد لهذه الحالة آنذاك، خصوصاً مع كون البدو بهذه القوانين بشكل عرفي، فهي غير مسجلة ومكتوبة، كما سيأتي على لسان عبدالله وليمسون، وبازيلي، وميهاي الحداد، وغيرهم.
ويذكر الرحالة السويسري بوركهارت أن الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد آل سعود (توفي 1229 هـ) قد سنَّ قانوناً يمنع فيه بيع ثلث الفرس كما تفعل عنزة، إذ يرى أنَّه يؤدي إلى الخداع غالباً، ولكنَّه أجاز لأهل نجد بيع نصف الفرس، وهو نمط البيع المذكور في الوثيقة.
بينما يذكر القنصل الروسي العام في بيروت ق .بازيلي أن البدو في بادية الشام يشتركون في الفرس الواحد حتى يصل عدد الملاك إلى عشرة أشخاص أحياناً!! كما يجيزون بيع نصفها وثلثها وربعها، مما يتسبب بتعقيد شراء الخيل وصعوبة الانفصال عن الشركاء خصوصاً بالنسبة للأوروبيين الذين وفدوا إلى الشرق بغرض شراء الخيل، وممن واجهوا هذه المشكلة القنصل الفرنسي في بيروت، إذ يروي الروسي ق.بازيلي أن زميله القنصل الفرنسي قام في العام (1840م) بشراء نصف فرس أصيلة، ولم يستطع أن يفدي نصفها الآخر من ثلاثة أو أربعة ملاك مشتركين معه إلا بعد سنتين وبصعوبة بالغة. وممن واجه هذه المشكلة أيضاً آمر مزرعة الخيول في بابولنا العقيد الهنقاري ميهاي فضل الله الحداد والذي تجوّل في بادية سوريا والعراق بغرض شراء الخيل لمربط بابولنا ، فيقول: “في كثيرٍ من الحالات يكون الحصان ملكاً مشتركاً لعدد من أفراد القبيلة، ومن الصعب شراء مثل هذ الحصان، لا بل يكاد يكون مستحيلاً، وتخلق هذه الملكية المشتركة وضعاً شبيهاً بحال الحقوق الملكية في الإقطاعات الكبيرة، وفوق ذلك يتعلق العربي بحصانه، ولا ينفصل عنه إلا بصعوبة”.
أثر ختم حسن بن عبدالرحمن آل حسين من وصيته الوثيقة من السجلات التجارية الخاصة بالتاجر حسن بن عبد الرحمن آل حسين وبذلك يعرف أن أنماط البيع في البوادي قد تتعرض لظروف مختلفة على تقاربها، وعدم التفريق بين هذه الاختلافات يوقع الباحث في الوهم والغلط أحياناً، ومن أنواع البيع الأخرى: المثنوي، والمقلفع.
تجدر الإشارة إلى أن البدو لجأوا إلى هذا النوع من المشاركة في نتاج الفرس المُباعة بغرض المحافظة على الرسن وعدم انقطاعه من مرابطهم، فهو إحدى الوسائل والطرق التي اتبعوها للمحافظة على الرسن، كما أنهم مختلفون في تعيين الواجبات والتكاليف الخاصة بالأفراس، فتفرض الوثيقة على الدوِّيش مبلغاً مقابل العناية بفرسه في حال عدم حضوره للمضاربة خلال أربعة أشهر، بينما يشير الرحالة البريطاني عبدالله وليمسون المسلماني والذي جاب في بوادي الشام والعراق متاجراً بالخيل أن البائع لا يتحمل شيئاً من تكاليف التغذية والتدريب إلا في
حال عجز المشتري، ويضيف” : عندما يزداد عدد الأفراس عند المربي البدوي فإنه يبيعها، لكنه يبقي عليها الرسن، مما يعني أن له حصة في كل حصانٍ باعه، وقد كانت جميع التعقيدات مغطاةً بقوانين غير مكتوبة، ولم يكن المالك الأصلي – البائع – يتدخل بطرق التربية والإطعام أو التدريب إلا في حالات نادرة جداً، وإذا تعرَّض الشريك أثناء أداء هذه الواجبات إلى صعوبات جدِّيَّة، فيقوم الآخر بتقديم العون له لحظة علمه بذلك، وإذا تعرَّض الشريك إلى الفاقة والعوز قدَّم له ولعائلته الطعام أيضاً، ومردُّ ذلك إلى المفهوم العربي بأن الشراكة في فرس أصيل هي قرابة وثيقة شبيهةٍ بالزواج في التزاماته”، ويذكر القنصل الروسي العام في بيروت ق. بازيلي أن نظام المشاركة في الأفراس عند البدو معقّد للغاية، ومستمد من التقاليد والعادات البدوية، وله طريقته الخاصة بخلاف باقي الشراكات الأخرى، ولكنه بحسب تعبيره . “يطابق الأخلاق المحلية، وله فائدة ثمينة” ويعلل الضابط العثماني حسين حسني هذا الحرص من البدوي على المشاركة في: الأفراس المُباعة، فيقول متحدِّثاً عن العلاقة الحميمة التي تربط العربي بفرسه: “فرس البدوي أغلى من أهله، فهو يُربِّيه معه في خيمته، ولا يُظْهِرُهُ لأحد، وإذا طُلِبَ منه بيع فرسه فإنَّ ذلك يزعجهُ كأنك تطلب منه روحه، وإن اضطر إلى بيعه باعه، لكن بشرط أن يبقى من نسلهِ حِصَّةٌ له”. كما تتميز هذه الوثيقة أيضاً بأنها مدونة في الجزيرة العربية، والتدوين فيها حول الخيل نادر، ولم تصلنا الكثير من الحجج والوثائق الخاصة بالخيل في جزيرة العرب، مع أننا وقفنا من خلال الدراسات المنشورة وكتب الرحالة على الكثير منها في الشام والعراق، ولعل الأمير عبيد العلي الرشيد يُشير إلى ذلك في قصيدته التي أعلن فيها : رفضه بيع فرسه كروش على عباس باشا:
ولا جِمِّعْ أصله بالقراطيس تجميع بيته يعَرْفونهْ جميعَ البوادي
يُصَدِّق ذلك ما رواه بوركهارت من أن أعراب بادية نجد لا يكتبون وثائق أنسابٍ لخيلهم، فهم يحفظون أنساب خيلهم كما يحفظون أنسابهم، وأنهم يسخرون ممن يسألهم عن وثائق الخيل، ويضيف أنهم لا يكتبون نسب الفرس إلا إذا أرادوا بيعها في الشام والعراق والحجاز.
ومن المؤسف أن الوثيقة لم تتعرض للثمن الذي دفعه ابن حسين ليحصل على نصف الفرس مع حق الانتفاع بها، إذ اكتفى محررها بقوله في أولها: “وقودها كله بثمن معلوم”، أي أنَّه اقتادها إلى مربطه بالثمن المعلوم من قبل أطراف البيع، والمتفق عليه بينهما، ولعلهما أحبّا أن يخفيا قيمتها عن الشهود، أو غير ذلك من الأسباب.
ومما يُشير إلى أهمية هذه الفرس وقيمتها لدى طرفي البيع أنهما أشهدا على هذا البيع أربعة رجالٍ هم: ناهض الغاوي، وعبدالله بن هدلان، وأحمد الإبراهيم الملحم، وكاتب الوثيقة أحمد بن عبدالله الملحم، والذي مهرها بختمه الخاص، كما عيَّن البائع – الدويش – علي بن جفن المويهي المطيري وكيلاً عنه في حال غيابه، كل هذا التثبت و الإشهاد أمارةٌ على أهمية الفرس وقيمتها الغالية.
الشهود والوكيل:
وكيل الدوِّيش كما تذكر الوثيقة هو علي ابن جفن المويهي المطيري، من فخذ ، الموهة من بطن علوى، الذي يرأسه الدوِّيش علاوةً على رئاسته لقبيلة مطير وبالنسبة لكاتب الوثيقة أحمد بن عبدالله المِلْحِم فهو من حاضرة الأحساء، وكذلك قريبه الشاهد الأول وأحمد آل إبراهيم المِلْحِم، ويعود نسب أسرتهم آل مِلْحم إلى بطن بريه من قبيلة مطير. وربما يعود اختيار الملحم بسبب علاقتهم الطيبة مع ابن حسين وقرب مسكنهم من مسكنه 25 ، أو بسبب القرابة مع الدويش. أما بقية الشهود، وهم: ناهض الغاوي، وعبدالله بن هدلان، فإني لم أهتد إلى معرفتهم إلا أنه يغلب على الظن أن يكونوا من أسر الأحساء أو من قبيلة مطير.
الرُّبْد في الكويت:
تتمتَّعُ الرُّبْد بمكانة عالية في الجزيرة العربية، ومما يدلُّ على مكانتها إهداء الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود )ولد – 1876 توفي 1953 م( حصاناً من الرُّبْد إلى أمير الكويت الشيخ مبارك الصباح )ولد – 1840 توفي 1915 م(، والذي آل لاحقاً إلى أحد أبناء الوجيه شملان بن علي بن سيف الرومي )توفي 1945 م(، وتم استخدامه كعُلُوَّة في . عدة مرابط كويتية، كما تذكر وثائق أسرة الخالد، وممن كانت الرُّبْدُ في مربطه أيضاً الشيخ سلمان الحمود الصُّباح، تشهد لذلك أحديةٌ لأحد رجاله وهو عوض بن صبح الرشيدي مخاطباً الشيخين علي الخليفة الصباح
: وسلمان الحمود الصباح:
يا علي وصّاني على الذُّود سلمان رميت مير القوم ما طاوعوني
يا ليت من هو راكبٍ ن بنت ربدان بمشوّكٍ ن يقطع زبار المتوني
وقد كانت هذه الربداء من أغلى الخيل عند الشيخ سلمان، وظل يزيّنها بقلادة في . لببها حتى ماتت، وهي فرسه يوم الجهراء، ومع أني لم أتوصل إلى الرسن الفرعي للربد في مرابط الصباح، إلا أن كون أصلهاةمن خيل الدُّوشان ليس احتمالاً بعيداً، فقد ذكرت حملة عباس باشا والتي زارت جزيرة العرب عام ) 1267 هـ ( نزول شيخ قبيلة مطير الحميدي بن سلطان الدوِّيش بالوفرة جنوبيّ الكويت. كما عَدَّ الضابط العثماني حسين حسني في مذكراته ) 1906 م(
الدُّوشانَ ضمن البُداة النازلين بأرض الكويت ، ويذكر ماكس أوبنهايم أن وجود أسرة الدوِّيش في الكويت قبل قيام الدولة السعودية الثالثة ساعد الملك عبدالعزيز على . توطيد علاقته بهم .
رُبُدٌ من مربط الدُّوشان في المرابط العربية:
ويُعَدُّ ربدان أحد الأفحل المُقَدَّرَة عند آل خليفة، وهو أحد الأفحل الخمسة التي اختارها أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة )ولد – 1872 توفي 1942 م( ، لتكون عُلُوَّات خيله، ولا يزال العمل على هذا في الاسطبلات الملكية البحرينية . وقد دخلت الرُّبد إلى المربط الخليفي مبكراً في عهد الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة )توفي 1307 هـ1890 م(، والذي اشتراها من الدُّوشان عام 1264 وأفاد مخيمر بن زقم بن مفوّز )فواز( الدوِّيش أن الشيخ محمد شبّى الربداء من الجلابي، وصار عنده ثلاثة أفراس منها، كما اشترى فرساً ربداء ثانية من الدوشان بألف ومائة ريال، وعبدين، وذلول عمانية، وخادمة حبشية، وسبع جوخات. كما أفاد أبناء الشيخ
عبدالله بن أحمد آل خليفة أن الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة أهدى فحلاً من نتاج ربد الخشيبي التي في مربطه إلى سلطان عُمان السيد سعيد بن أحمد بن سعيد آل بو سعيد )ولد 1204 هـ 1791 م – توفي 1273 ه= 1856 م(، ثم أهداهُ السلطان بعد ذلك . إلى عباس باشا ومما تجدر الإشارة إليه أيضاً أن ربدان الخشيبي الذي أهداه الإمام فيصل بن تركي آل سعود )توفي 1282 هـ( إلى عباس حلمي باشا الأول هو حصان الحميدي الدوِّيش، وأبوه ربدان أحمر حصان أبو عمر الدوِّيش، كما أهداه الإمام فيصل أيضاً أفراساً أخرى من الرُّبد، وأصلها من مربط الدُّوشان، وكما أهدى شريف إلى مربط عباس حلمي باشا الأول فرساً ربداء، أصلها من مربط الدُّوشان، كما جاء على لسان مخيمر بن زقم . بن مفوّز )فواز( الدوِّيش .
منقول بتصرف
بقلم: يحيى عبدالله الكندري
رسالة الجواد العربي (بيت العرب) الإصدار الثالث 2017 العدد: 32 ص: 58
ناهض الغاوي
هو ناهض بن محمد ( الغاوي ) من ال مصرا من قبيلة العجمان
وهو اخ الفارس بصيص الغاوي
يا علي وصّاني على الذُّود سلمان رميت مير القوم ما طاوعوني
يا ليت من هو راكبٍ ن بنت ربدان بمشوّكٍ ن يقطع زبار المتوني
هذي قصيده جدي عوض بن حريميس بن صبح الرشيدي