على الرغم من أن مصر ليست من الدول المتقدمة عالمياً في رياضة الفروسية والتي لا تعد من الرياضات الشعبية بين معظم فئات الشعب المصري – نظراً لارتفاع قيمة «الكورسات» أو الدورات التدريبية لركوب الخيل، لما يتجاوز الخمسة آلاف جنيه شهرياً، إلا أن تربية الخيول تعد من الهوايات التي تحظى بحب المصريين، حتى إن هناك نحو (1006) مزارع لتربية الخيول العربية الأصيلة في مصر؛ وذلك بحسب التصريحات الرسمية لوزارة الزراعة المصرية، والتي أعلنت أخيراً، نائبة الوزير منى محرز لشؤون الثروة الحيوانية، أنه قد تم رفع الحظر على تصدير الخيول المصرية للاتحاد الأوروبي والذي كان قد بدأ منذ عام 2010 ودام لمدة سبع سنوات كاملة.
وأكدت محرز في تصريحات صحافية لها، أن أول شحنة خيول عربية أصيلة تم تصديرها لدول الاتحاد الأوروبي كانت في شهر أغسطس الماضي وكانت عبارة عن ثمانية خيول، ستة جياد لألمانيا وجوادان لإيطاليا؛ وقالت نائبة وزير الزراعة المصري: «أجرينا فحوصاً وأخذنا عينات من جميع الفصائل الخيلية في جميع المحافظات المصرية، للتأكد من خلوها من الأمراض الممنوعة ما بين البلدان. النتائج كانت سلبية الحمد لله وقدمنا ملفاً للاتحاد الأوروبي، ووافق على إعادة التصدير منذ بضعة أشهر؛ بعد أن قامت مصر بتلبية كافة متطلبات واشتراطات الاتحاد الأوروبي اللازمة لاستئناف تصدير الخيول العربية.
وأضافت أن الخيول تخضع أيضاً للفحص لمدة 90 يوماً في حجر بمستشفى بيطري عسكري معتمد عالمياً من حيث الجودة في هذا المجال، وذلك للتأكد من خلوها من أي أمراض قبل تصديرها».
مصل مشبوه يحظر مصر دولياً
ويعود قرار الحظر، بحسب رواية الأطباء البيطريين بمزرعة الزهراء للخيول العربية ، إلى فتوى بتطعيم الخيول بمصل مضاد لـ6 أمراض بدلاً من مصل الإنفلونزا العادي، وذلك بعد فتوى من أحد مستشاري الطب البيطري بوزارة الزراعة الذي كان وراء استيراد هذا المصل المشبوه وكان أول فرس يتم تطعيمه بهذا المصل فرس مملوكة للشيخ حمد القاسمي وكان معداً للسفر إلى فرنسا، وتم سفره قبل تماثله للتعافي من آثار المصل لتظهر عليه أعراض ستة أمراض، ما نتج عنه وصول بعثة رسمية من قبل الاتحاد الأوروبي لتقصي الحقائق، والتي استصدرت قراراً جائراً بعد ذلك بحظر تصدير الخيول من مصر إلى أن تم رفع الحظر بعد سبع سنوات عجاف تضررت فيهم صناعة الخيول العربية، وتأثرت خلالها سمعة المزارع والمرابط والإسطبلات المصرية وعلى رأسها مزرعة ومحطة الزهراء بصحراء عين شمس بالقاهرة.
جمال الخيول وتاريخ الزهراء
وكان مهرجان «جمال الخيول العربية الأصيلة» في نسخته الـ19 آخر المهرجانات التي شهدتها محطة الزهراء لتربية الخيول العربية بمشاركة أكثر من 300 من الخيول العربية الأصيلة من سلالات نادرة ومتميزة، وأشرف عليه حكام من أكثر من دولة أجنبية، معتمدون من منظمة «الأيكاهو» التي تضع هذا المهرجان على أجندتها الدولية؛ وكان هذا المهرجان بمثابة احتفالية لعودة الروح لهذه المزرعة التاريخية التي تم إنشاؤها في عام 1928 بعد أن اشترت الجمعية الملكية المصرية نحو 60 فداناً في كفر فاروق بصحراء عين شمس شرق القاهرة، وذلك لتهيئة ظروف أشبه ما تكون بالبيئة الطبيعية لسلالة الخيول العربية الأصيلة التي كان قد تم استيرادها من قبل الخديوي عباس باشا الأول من شبه الجزيرة العربية، واهتم بها ورصد لها من يدونون أنسابها، وشكل لجنة لعملية التدوين العلمية مكونة من مشافى بك حاكم العباسية، رستم بك وسالم أفندي مملوك الباشا اللالا علي باشا الجمالي.
وانضم هؤلاء إلى هيئة الخيول التي كلفت بالفصل والبت بأصالة الخيول العربية؛ وبعد أن توارث أبناء وأحفاد عباس باشا الأول هذه الخيول العربية الأصيلة، وبعد أن باعوا وأهدوا منها الكثير خاصة لأصدقائهم في أوروبا وإنجلترا تحديداً؛ تم نقل السلالات الباقية إلى مزرعة الزهراء التي أقيمت على نحو 74 فداناً بأحدث الطرز المعمارية في عهد الملك فاروق، والذي كان يحرص على الجلوس في هذه المزرعة ساعات طويلة متابعاً للجياد العربية الأصيلة؛ وباتت «الزهراء» هي المحطة الوحيدة في مصر المسؤولة عن سجلات التسجيل الرسمية للخيول العربية للحفاظ على نقاء سلالة الحصان العربي؛ وذلك بعد أن مثلت مع الهيئة الزراعية المصرية في عام 1970 في تأسيس المنظمة العالمية للحصان العربي «واهو»، وهي المنظمة المسؤولة عن تسجيل الحصان العربي عالمياً بالتعاون مع أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ تمتلك حالياً محطة ومزرعة الزهراء أكثر من 400 من الخيل العربية الأصيلة، نقية الدماء من مختلف الأنساب، مثل: «الهدبان» و«الصقلاوي» و«الكحيلان» و«العبيان»؛ وتضم المحطة الأشهر لتربية الخيول في مصر ثلاثة إدارات تهتم برعاية الخيول وتوثيق أنسابها، إضافة إلى عدد كبير من العنابر والإسطبلات، ومدرسة للفروسية؛ وتعد هي المكتب الوحيد المسؤول عن تسجيل الخيول العربية في مصر وختمها بختم دائم (Freeze Marking) ويقرأ الختم من اليسار إلى اليمين، وينقسم الختم المصري إلى قسمين: القسم الأول: الختم الخاص بالخيل المنتجة من قبل محطة الزهراء؛ والذي يتميز بوجود حرف (A) بعد حرف (E)، الذي يرمز إلى الحرف الأول من اسم جمهورية مصر العربية باللغة الإنجليزية (Egypt).
عوامل الزمن
وقد تأثرت محطة ومزرعة الزهراء بعوامل الزمان وطالتها يد الإهمال لفترة من الزمن، وتقلصت مساحتها لأقل من خمسين فداناً؛ وكان الدكتور خالد العامري نقيب الأطباء البيطريين المصريين قد ناشد من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، سرعة التدخل لإنقاذ مزرعة محطة الزهراء للخيول، والتي توجد بها سلالات عربية أصيلة أنشأها والي مصر محمد علي وأبناؤه منذ 100 عام، وطالب نقيب البيطريين المصريين بنقل تبعية المزرعة الكبيرة لوزارة الطب البيطري التي طالب بوجودها.
ونظراً لأهميتها علمت أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدعم توجهاً بنقل مزرعة الزهراء من موقعها الحالي بحي عين شمس، وتحديداً شارع أحمد عصمت الذي أصبح مكتظاً بكثافة سكانية عالية يستحيل معها وجود المزرعة إلى مدينة 6 أكتوبر بالجيزة مع عمل توسعات كبيرة بمساحتها وإلحاق مضمار كبير للخيل بها وتحويلها لمركز عالمي لتربية وعلاج وتوثيق نسب الخيول العربية الأصيلة، باستخدام أحدث النظم العلمية العالمية؛ حيث سيتم إنشاء معمل دولي لتنسيب الخيول؛ وإنشاء محطة «بيوجاز» يتم من خلالها استخدام مخلفات الخيول في إمداد المزرعة بالطاقة مع تشييد صيدليات بيطرية على أعلى مستوى ومستشفى دولي للخيول؛ إضافة إلى تدشين مدرسة فنية لتخريج المدربين والمتخصصين في تربية وترويض الخيول.