بقلم . محمد بن عبدالمحسن المسفر
يعتبر الجواد العربي السعودي موردا من موارد التراث الطبيعي الذي كون حجر الأساس للتراث الفروسي في المملكة العربية السعودية ، و جعل منه مصدر فخر و اعتزاز ؛ إذ ساهم في بناء الحضارات العربية على أرض المملكة ؛ فتجده عاملا مشتركا في جميع المواقع التاريخية و الأثارية المتوزعة على أرجاء المملكة ، حيث ظهر التراث الفروسي في العمارة و النقوش الصخرية و السلاح و الأزياء و الممارسات الفروسية و في الفنون الأدائية ، و التعبيرات الشفوية ؛ فأثر عليها و ساهم في بقائها و انتشارها ، وهذا بطبيعة الحال شكل عمقا زاخرا و ثريا بالموروث الحي و الموروث المادي الممتد حتى يومنا هذا ، فالتراث الفروسي الحي “غير المادي“ و المتمثل في العديد من مجالاته ، كالممارسات الفروسية بنمط الفروسية العربية الذي يعبر عن هوية الفارس العربي بطريقة ركوبه و تحكمه في جواده من خلال مقدرته على مواكبة جواده ، ثم الكر و الفر ، و المطاردة على صهوته و التي تمارس حتى اليوم ما هي إلا موروث فروسي حي ، كما ظهرت الممارسة الفروسية بتقنيات العمل بالرمح من طعان و التقاط ، و مداروة و تلويح بالسيف ، و كذلك الرماية بالقوس التقليدية فهذا يبن عمق الموروث الفروسي الحي في المملكة ، و الذي بدوره نتج عنه عرضة الخيل التي تعتبر فنا أدائيا مميزا يعبر فيه الفرسان بأداء استعراضي ، و تعبير شفوي بنداء المحورب ، والحداوي الفروسية المعروفة ، و ارتداء لباس الفرسان الذي يعكس هوية الفارس السعودي ، و امتطاء الجياد العربية السعودية المعروفة بأرسانها و أنسابها و مدراجها .
إن المواقع الآثارية المنتشرة على أرض المملكة العربية ، و النقوش و الرسومات الصخرية تشكل متحفا فنيا طبيعيا مفتوحا يعكس عمق الحضارة العربية في المملكة و يروي جانبا من أحداثها ، و التي تركت خلفها تراثا فروسيا ماديا ثابتا أو منقولا ، أو تراثا وثائقيا ، فالمتبقي من مباني مرابط الخيل في الربذة الكائنة شرق المدينة المنورة نقلت لنا شكلا من تراث الفروسية العمراني في الحضارة العربية و الإسلامية ، و الآثار الموجودة في حضارة المقر بين محافظة تثليث و وادي الدواسر ، منها مجسم الحصان العربي ، و العديد منالأدوات و الأسلحة المستخدمة في الصيد ، ما هي إلا جزءا من التراث المادي المنقول ، و نجد في المخطوطات النجدية ذكرا للخيل العربية ، كمخطوط المؤرخ عثمان بن بشر – رحمه الله – الذي سماه “سهيل في ما جاء في ذكر الخيل“ تراثا ماديا يوثق الجواد العربي في المملكة العربية السعودية التي تعتبر منشأ الخيل العربية الأصيلة و موطنها ، فالتراث الفروسي في المملكة ضرب بجذوره عمق التاريخ فأكد الحضارة ، و عزز الهوية العربية و الإسلامية ، و الأصالة السعودية .