لأنها محببة إلينا؛ فنحن نتألم لألمها ونحزن لمرضها، ونسعد عند شفائها. نعتني بخيلنا، ونبذل كل ما في وسعنا حتى لا تصاب بأدنى مكروه. نحتاط ونتقي، وندعو الله أن يقي. ولأنها حساسة جداً برغم قوتها؛ فهى معرضة للإصابة بأمراضٍ أحياناً تكون بسيطة سهلٌ علاجها، وأحياناً أخرى تكون شديدة الخطورة قد تؤدي إلى نفوق المحبوب! .. وحمى الحافر هى واحدة من أخطر الأمراض التى تصيب الخيل، حيث تتسبب الحالات الشديدة لهذا المرض فى عجز الحصان، أو قد تقود إلى إنهاء حياته بطريقة رحيمة حتى لا يتفاقم الألم والمعاناة، وعلاجها يتطلب الكثير من الجهد والوقت والمال.
يعد مرض حمى الحافر (الحمرة) حالة مؤلمة من إلتهاب الأنسجة تؤدي إلى تحرك عظمة الحافر ودورانها إلى الداخل، ويمكن لهذه الحالة أن تصيب أي جواد في أي عمر أو جنس وفي أي وقت من السنة.
يحدث هذا المرض بسبب ضعف الصفائح النسيجية الداعمة للحافر، مما يؤدي إلى تمزق مؤلم للأساس الداعم، والذي يتسبب بتحريك عظمة الحافر ودورانها داخل الحافر، وإن لم يتم علاج هذا المرض سريعاً فإن عظمة الحافر قد تسقط، حيث تسمى هذه الحالة بـ(الغرق) أو دوران عظمة الحافر للأسفل.
تختلف حمى الحافر عن الإلتهاب المزمن طويل المدى للحافر، فحمى الحافر يمكن أن تؤدي فى بعض الأحيان إلى الإلتهاب المزمن ولكن ليس دائماً، ويقصد بمصطلح الإلتهاب المزمن طويل المدى للحافر؛ سقوط حافر الحصان، ويحدث هذا السقوط عندما تفشل الصفائح النسيجية الداعمة في أداء مهمتها. وتتألف الصفائح الداعمة من طبقتين، هما: الطبقة المتبلدة غير الحية التي تنمو من الحزام الإكليلي (مقارنة بأظافر أصابع الإنسان)، وطبقة أخرى متصلة بالصفائح النسيجية الحساسة، وتتداخل مع النسيج غير الحساس ليشكل رابطاً قوياً للغاية.
إن مستوى الألم الذي يشعر به الحصان لا يشير بالضرورة إلى وجود حمى الحافر أو إلتهاب الحافر المزمن طويل المدى، فنجد أن بعض الخيول تتألم ألماً شديداً عند الإصابة بحمى الحافر، بينما نجد أخرى تظهر القليل من الألم، ويحدث الأمر نفسه مع الخيول التي تعاني إلتهاباً مزمناً في الحافر.
يجب التعامل مع حمى الحافر عن حدوثها بأنها حالة طارئة، والاتصال بالطبيب البيطري على الفور، فالعلاج الأولي يعتبر حاسماً ويمكنه أن يقلل بشكل كبير من احتمالية الإصابة بإلتهاب الحافر المزمن طويل الأمد. كما يجب عدم تدريب الحصان، وإن كان في المرعي فيلزم نقله إلى مكان مغلق به نشارة خشب (بعمق 10 سم)، ويفضل استخدام مقطورة تحميل منخفضة لنقله إلى الاسطبل حتى لا يؤدي السير لمسافات طويلة لتفاقم حالته.
بعد فحص الحصان يمكن للطبيب البيطري أن يعطيه المسكنات ومهدئ موسع للأوعية الدموية الطرفية لمساعدته على الإستلقاء، وعمل نظام دعامات لمنطقة النسر فى الحافر، وإعطائه أي علاج آخر مناسب.
يجب الإنتباه إلى عدم تجويع الحصان، فالأمر قد يتطور إلى زيادة تركيز الدهون بصورة غير طبيعية في الدم، وسيقوم الطبيب البيطري بالتوجيه إلى نظام غذائي مناسب للحصان؛ والذي عادة ما يتألف من العلف بكمية محدودة، وألياف عالية، وقدر قليل من النشا مقطع مع الكثير من السوائل.
هناك أسباب مختلفة لظهور حمى الحافر؛ فمنها الأكثر شيوعاً؛ وهي إلتهام الحبوب أو الإفراط في تناول عشب المراعي. وكذلك نتيجة للإصابة بالعدوى، فعلى سبيل المثال الفرس التي أنجبت مهراً مؤخراً واحتجزت المشيمة بعد الولادة. ومن الأسباب أيضاً تناول جرعات مفرطة من بعض الأدوية مثل: الكورتيزون (corticosteroids). بالإضافة إلى سرطان الغدة النخامية (متلازمة كوشنج).
وهناك أسباب أقل شيوعاً؛ كالإرتجاجات التي تحدث بسبب السيرعلى الأسطح القاسية، إضافة إلى الوزن الزائد المحتمل على ساق واحدة بسبب إصابة شديدة أو عرج في الساق الأخرى، وأخيراً الإجهاد بسبب السفر لمسافات طويلة.
حمى الحافر أو (الحمرة) .. خطر يمكن تفاديه – الجزء الثاني
حمى الحافر أو (الحمرة) .. خطر يمكن تفاديه – الجزء الثالث
مقتبس من مجلة بيت العرب العدد ٣ عام ٢٠١٠