تتعرض هذه الكائنات الجميلة لكثير من الأمراض التي تتفاوت في خطورتها، الأمر الذي يتطلب الكثير من الاهتمام والرعاية، والمتابعة البيطرية، وبذل الجهد والمال. وفيما سبق من مقال؛ عرّفنا عن مرض حمى الحافر، وأوردنا أسباب الإصابة به، ثم بينا كيفية التعامل معه إذا أصيب به الحصان. وفي هذا الجزء؛ نوضح أعراض هذه الحمى، إضافة إلى شرح مفصل للغذاء غير السليم الذي يؤدي للإصابة بها.
تعد حمى الحافر دون الإكلينيكية مرحلة مبكرة من الحمى التي تحدث فيها تغييرات هيكلية داخل الحافر، دون أن يظهر على الحصان عرج واضح أو قصر في الخطوة، ويمكن أن تكون السبب المحتمل لنمو حلقات بارزة على جدار الحافر، بالإضافة إلى إعطاء مظهر مقعر للحافر مع شكل طويل. كما تتسبب في أن يكون طرف الحافر غير سوى مع تجمعات دموية قد تؤدي إلى خراج، وقد تؤدي إلى تفتت الخط الأبيض. كذلك تقوم بتقشير باطن الحافر وتكسر وتباعد حواف الحافر. بالإضافة إلى ظهور تقرح في الأقدام الأمامية، وتكون أكثر وضوحاً على الأرض القاسية بشكل خاص. ومن الأعراض أيضاً تلك المشية القصيرة التي لا تتحسن مع التدريب وتتفاقم مع المشي السريع أو الشاق.
فإذا لاحظت أربعة من هذه الأعراض؛ فإن جوادك يحتمل أن يعانى من حمى الحافر من الدرجة الأدنى.
يتساوى الأطباء البيطريون ومالكو الخيول على حد سواء في معرفة العلاقة بين المراعي الخصبة وحمى الحافر بالنسبة للخيول الأكثر عرضة للتأثر، فيما يخص النظام الغذائي، فالكربوهيدرات القابلة للذوبان في الماء والموجودة في الحشائش تمثل العامل الذي ينتج عنه حمى الحافر، وتحتوي الحبوب على قدر كبير من النشا. والنشا له التأثير نفسه كما للكربوهيدرات القابلة للذوبان في الماء والموجودة في الأعشاب؛ في التسبب بالإصابة بحمى الحافر.
تحتوي الأعشاب المعتدلة بطبيعية الحال على كميات كبيرة من الكربوهيدرات (سكروز، فركتوز، جلوكوز والفروكتانز). وتؤدى الكربوهيدرات التى تتخمر بسرعة إلى نتائج متتالية تؤدى إلى الإصابة بحمى الحافر، حيث تشكل الأعشاب المعتدلة جزءاً هاماً فى النظام الغذائي للخيول في معظم أنحاء أوربا والولايات المتحدة والأجزاء الجنوبية من أستراليا، وخصوصاً خلال الفترة من الربيع وحتى الخريف. ولم يحدث إلا مؤخراً الربط بين المستويات العالية للفروكتان (نوع من الكربوهيدرات الذائبة) وحمى الحافر الناتجة عن النظام الغذائي .
وتكمن الصعوبة في توقع مستويات الفروكتان في أي لحظة معينة، فمستوى الفروكتان يختلف في الأعشاب من وقت لآخر.
والكمية الفعلية للسكروز والفروكتانز تتراوح من 50-5% من إجمالي المادة الجافة، ويمكن أن تحدث تغييرات كبيرة في غضون ساعات.
يعتبر تراكم هذه السكريات عملية ديناميكية للغاية فهي عملية سريعة التأثر بالبيئة المحيطة، ويمكن للأعشاب المعتدلة تخزين 13-10% من احتياطياتها من مجموع السكريات كنشويات، وهذا يترك مايصل إلى 90% ليتم تخزينة كسكروز أو فروكتانز (كربوهيدرات ذائبة في الماء).
ويبدو أن بعض أنواع الحشائش تخزن كمية من الفروكتانز أكثر من غيرها، ويمكن لنبات الزوان ( ryegrass ) المعمر أن يحتوي على 12 % من الفروكتانز، وأما نبات الصبعية (cocksfoot) فيحتوي على 2% فقط.
وأيضا تؤثر الحرارة على مستوى تراكم الفروكتانز؛ فالأيام الباردة المشمسة تعنى تراكم أكثر للفروكتانز. وتخزن الحشائش الفروكتانز في جذعها أكثر مما تخزنه فى أوراقه، فعندما تبدأ الخيول بإلتهام بقايا العشب المقصوص فهى تتناول كمية كبيرة نسبياً من الفروكتانز، والعكس بالعكس، فإن الحقول المعتنى بها جيداً والتي ترعى بها الغنم أو يتم حش العشب منها فسيكون نسبة الأوراق إلى الجزوع أعلى وستكون نسبة الفروكتانز أقل، وينبغي تجنب الأسمدة قدر الإمكان.
أظهرت الأبحاث أن هناك علاقة متبادلة بين النظام الغذائي وحمض المعدة، وبين حمى الحافر المتدنى الدرجة.
التقيد بالكمية التي تأكلها الخيول من الحشائش والخضر والحبوب يقلل من معدل إنتاج حمض اللكتيك، وبالتالي يقي خيولنا هذا المرض، وهذا الأمر من السهل قوله، ولكن عند حال التطبيق فإنه شبه مستحيل السيطرة على مهر صغير يرعى في حقل، وهو أيضاً لايزال عرضة للحمرة الناتجة عن النظام الغذائى.
هناك عامل مشترك بين الحبوب والمراعي الخصبة؛ حيث تحتوي الحبوب على كميات وفيرة من النشا وهي شكل من أشكال الكربوهيدرات التي تتحول إلى سكريات بسيطة مثل الجلوكوز في الجهاز الهضمي، ويحتوى العشب الأخضر على مستويات عالية من السكريات التي تكون متوفرة مباشرة في الجهاز الهضمي.
الطريقة التي يهضم بها الحصان غذاءه هى المفتاح الذي يبين لنا سبب الإصابة بحمى الحافر المتعلقة بالنظام الغذائى؛
فالحصان يهضم طعامه بطريقتين؛ هضم بسيط، حيث يتم هضم الطعام بمجرد تناوله بواسطة إنزيمات في الجزء الأول من القناة الهضمية، ويتم إمتصاص الغذاء بعد ذلك من القناة الهضمية.
أما الطريقة الثانية فهى تخمير الأمعاء الخلفي، حيث تتطلب السكريات الزائدة والكربوهيدرات المعقدة وقتاً أطول للهضم فتنتقل إلى الأمعاء الغليظة للتخمير.
عادة ما تخمر البكتريا ببطء حيث يمتص الحصان الغذاء الناتج من الأمعاء لاستخدامها كمصدر للطاقة، وعندما تصل السكريات البسيطة إلى الأمعاء الغليظة فإن البكتريا لا تستغرق وقتاً طويلاً لتخميرها، منتجة كمية كبيرة من الحمض بسرعة كبيرة، أسرع مما يمكن امتصاصها، وهذا يؤدي إلى تراكم حامض اللكتيك في القناة الهضمية، وهذه هي الخطوة الأولى نحو حمى الحافر.
حمى الحافر أو (الحمرة) .. خطر يمكن تفاديه – الجزء الأول
حمى الحافر أو (الحمرة) .. خطر يمكن تفاديه – الجزء الثالث
مقتبس من مجلة بيت العرب العدد ٣ عام ٢٠١٠