بقلم: يوسف لنجاوي
ترجمة «الأصالة» كتب في : ARABIAN HORSE WORLD
يوسف لنجاوي يعيش في جدة، حيث يدير مربط لنجاوي للخيول العربية. درس يوسف التصوير السينمائي في معهد الفيلم الأميركي، وهو حاصل على درجة ماجستير الفنون الجميلة في الإنتاج السينمائي من جامعة تشابمان، وعين سفيرا للولايات المتحدة لدروس بودابست المتقدمة في التصوير السينمائي في عام 2011.
طلب مني وصف طبيعة تجربتي مع الخيول العربية الأصيلة، التي صُبغت بثقافتي، وظروفي الخاصة، ونمط حياتي، واهتماماتي، وعقليتي، وحسي الفني. استفتيت أولا قلبي وعقلي، فتحققت من الإجابة وهي الحب. لماذا أقول هذا ؟
حسنا، عندما تقع في حب أحد ما، فأنت تتفوق علي نفسك. لن تكون لك ميول لفعل الأشياء السيئة. فتكاد لذلك أن تكون ملاكا. وإذا كنت تحب حقا الخيول العربية الأصيلة، فسوف تصل إلى مرحلة الاستغراق في التفكير كونها تتواجد من حولك فيدفعك ذلك حتى إلى التفكير فيها . لا تجري عليها صفقات مريبة كأنها سلع معروضة في البورصة. ولا تعاملها مثلما العقارات فلا تربيها بقصد البيع. تلك الأفعال تجرد عنصر الحب من هذه العلاقة الثمينة التي نتشرف بها كما تجعل الخيل مجرد حيوانات، مثلها مثل الماشية .
سأعطيك مثالا جميلا. تقع مزرعتنا على بعد ساعة شمال جدة، حيث الهواء عليل، والبيئة آمنة وهادئة؛ والليالي هناك مظلمة ومليئة بالنجوم التي تزيين السماء. في الليل،أخرج لأتفقد المزرعة . هذا هو أفضل وقت بالنسبة لي للتواصل مع تلك النفوس الجميلة .وأظل مستيقظا طوال الليل. وأبقى في الخارج، وأمشي حول مراعي الخيل. في هذا الوقت تكون جميع الأفراس الجميلة في الخارج نائمة على الرمال الناعمة. يا لجمالها، هذا مشهد رومانسي. ويبدو لي، أن هذه العيون السوداء الكبيرة تحدق فيّ . تحتاج الخيول منك إلى بعض الاهتمام بها ومسح نواصيها ، والتربيت على أعناقها، أو النفخ بهدوء في مناخيرها. إنها تجربة عاطفية جدا، أن تتواصل مع خلق الله من جميع أنحاء العالم، وتكون لغة التواصل الحقيقية هي الحب. سوف يؤثر الجمال عليك بطريقة أو بأخرى، وسوف يحدث ذلك تغييرا فيك.
أحيانا يكون هناك 100 من الخيل في الحظيرة، فلا تستطيع أن تسمع صوت حصان بعينه. ولكنك مع ذلك تشعر في هذا المكان بنعمة السلام والسكينة والحب الصادق. أتحدث يوميا على الهاتف، أصرف أعمالي، وأقوم بمهامي اللوجستية من بناء و إدارة للمزرعة، ولكن لا أزال أحتفظ بحبي للخيل.
في الحقيقة، إن ميدان العرض (بطولات الجمال) ليس من الأشياء التي أحبذها. لا أشعر بالحاجة لأعرض خيولي حتى أرضى عن وجودها في حياتي. بطبيعة الحال، إذا كان لدي نجم من الخيل، نعم ، سأفعل ما في وسعي لترقيته أو ترقيتها، ولكن لدى قاعدة عامة: لا أربيه وفي مخيلتي أن أراه في ميادين بطولات الجمال. وأن يكون حصاني جاهز للعرض ليس المحصلة النهائية بالنسبة لي؛ ولكن بدلا من ذلك أريد أن أقدر هذه الخيول حق قدرها في حياتي، وأمنحها الفرصة لتكون مملكتها .
أفكر في بعض الأحيان في الاختلافات في حياتي قبل معرفتي بالخيل العربية واليوم. أرى أنني مخلوق اجتماعي جدا، ولكن جن جنوني بسبب حبي للخيل العربي. لدي أصدقاء من جميع أنحاء العالم. وبغض النظر عن الأيديولوجيات الاجتماعية والسياسية والدينية والفكرية، والتكنولوجية، يمكنني حرفيا أن أحط على أي بقعة في العالم، وأقابل معارف وأصدقاء أشاطرهم حبي للخيول العربية. لهذا السبب أرى أن يكون الحصان العربي مواطنا عالميا .
في حياتي قبل معرفتي بالخيل، كنت موليا جل اهتمامي للتصوير السينمائي والكاميرات والتكنولوجيا حتى نسيت العناصر الأساسية للحياة. وربما الآن أهتم كثيرا بخلق الحياة الكاملة لدرجة أنني لا أكترث بالشكليات. وفي مرحلة ما سوف أجد الوسيلة السعيدة وأجمع بين صناعة الأفلام و الخيول العربية، و أعتقد أنه من واجبنا بوصفنا فنانين أن نوصل لبقية سكان العالم شغفنا بهذا المخلوق الجميل!
هناك الكثير من أوجه التشابه بين كوني فنان وكوني واحد من عشاق ومربي الخيول العربية. كلاهما يتطلب العين الفاحصة والفطرة السليمة. على سبيل المثال، في بطولات الجمال، قد يعجبني الحصان الذي لم يفز، وقد يكون ترتيبه السابع، ولكن هناك شيئا فيه … ربما كان حضوره يخاطب حسي الفني. وبوصفي مربيا للخيل، هناك أشياء تتدخل في اختيار الخيول التي ترغب في امتلاكها . أنا أطور تلك العين الفاحصة، والشجاعة المطلوبة لما أسميه التربية ” الجريئة والجميلة “. لا أدعي أنني وصلت إلى هذه المرحلة ، لا، لا ، لا … ولكنني أتعلم كل يوم شيئا جديدا. أنا كالذي يلعب لعبة الشطرنج، ويخطط لنقلاته التي سينفذها في المستقبل البعيد.
هذه بعض من الأشياء التي منحها لي الحصان العربي: فرص لنمو الشخصية والنمو الفني، والنمو العاطفي، ناهيك عن الخدمات اللوجستية – وهي ليست من الأشياء التي أحسن صنعها! كما تعلمت أيضا المسؤولية، وكيف أكون بارعا في الطريقة التي أؤدي بها عملي.
قال النبي (صلي الله عليه وسلم): ” الخيل معقود في نواصيها الخير ……. ”
وأود أن أضيف: أحبوا الخيل، وركزوا على حبكم لها.
بارك الله فيك وبارك لك أخ يوسف انت وكل اهل السعودية
ادام الله عزكم وبارك فيكم