لا أجد وصفا بليغا لعمل السايس المضني، ككلمات السيدة أسماء بنت أبي بكر حينما قالت: كنت أخدم الزبير خدمةَ البيتِ، وكان له فرس، وكنت أسوسه، فلم يكن من الخدمةِ شيء أشد علي من سياسةِ الفرسِ، كنت أحتش له وأقوم عليهِ وأسوسه… وكانت العرب لا تأنف من خدمة خيلها ورعايتها، ومن ذلك قولهم: ثلاثة أنواع من الخدمة لا تعيب المرء؛ خدمته لبيته، وخدمته لفرسه، وخدمته لضيفه..
وبالرغم من تضحيات هؤلاء الجنود المجهولين، وما يجدونه من تعب في عملهم، فالكثيرون عندما يقيسون نجاح تنظيم البطولات والخدمات المقدمة؛ يتحدثون عن الجمهور والميدان وطاولات كبار الشخصيات والإضاءة والمواقف وحسن التنظيم والجوائز ونظافة المكان وترتيبه، وغيرها، وينسون أو يتناسون من يصنع هذا الجمال، ومن يظهر الخيل، ويعتني بها، وينظفها، ويهتم بها، ويغذيها، ويحرسها، لتبدو أمام الجمهور متباهية بجمالها، ثم تفوز. لكننا بعد الفوز نرى الجميع يصطفون لأخذ الصور التذكارية، خالية من أهم الناس؛ من السياس!!
في أثناء المنافسات، وبخاصة النهائية؛ تنحبس أنفاس الملاك والمربين والمحبين؛ حبا لخيلهم، ورغبة في الفوز، على مرأى من الحضور، وشاشات التلفزة المباشرة، لكن هناك، وفي ذات اللحظات، وفي مكان ما حول الميدان، يجلس، وربما يظل واقفا، من هو أكثر حبا لحصانه ممن ذكروا، إنه السايس المحب لخيله، بحكم ملاصقته الدائمة لها، يكون أشد فرحا حين الفوز، وأشد حزنا في حال الخسارة، لكنه، يظل جندي مجهول، ومضحي مغمور.
يشتكي معظم السياس من سوء الخدمات المقدمة لهم، في بعض البطولات، كأماكن النوم، والأكل والشرب، وعدد من الخدمات الأخرى، وأحيانا ينسون نهائيا!. (الأصالة) استطلعت عددا منهم لإلقاء الضوء على بعض من معاناة من يقف خلف الكواليس، لكي ينتبه منظمو البطولات لأمر قد ذهب عن بالهم، دون قصد، وليتسابقوا لإعداد أفضل الخدمات، لمن يصنع الذهب والفضة والبرونز، ويظهر لنا الخيل بأفضل حلة، وأجمل مظهر، لنستمتع بأروع المشاهد، ونفتخر بخيلنا العربية الجميلة.
كان العرب يحبون خيلهم كأبنائهم، وأكثر، لأنهم كانوا يجمعون كل الأدوار؛ فهم السياس، وهم الملاك، وهم المربون. إلا أن الأحوال الآن قد اختلفت، رغما عنا، فتوزعت الأدوار، فلا نجد لصيقا دائما للخيل كالسايس. ولا نجد شبيها بالعربي قديما في مرافقته الدائمة لخيله؛ كالسايس.. فهلا نصرنا (عربي) هذا الزمان!.
وللإنصاف: هذه الفكره نبعت من ثنايا حديث واقتراح من الخلوق عبدالله المحمود مدير مربط الراجحية