سوداء، شقراء، دهماء، شهباء، حمراء، بيضاء صافٍ لونها تسر الناظرين، واسعة الأعين، براقة، صغيرة الآذان، عريضة الجبهة، ناعمة الشعر. بقوتها وصبرها وسرعتها وخيرها الى يوم القيامة؛ كانت وتظل الخيل العربية الأصيلة بكل هذه الصفات الجميلة وأكثر؛ مصدر عزنا وفخرنا ونصرنا. نحبها وندللها ونكرمها، ونتغنى بها..
يتربع الحصان العربي وبلا منازع في أعلى درجات الأصالة والنقاء بين الخيول من السلالات الأخرى ناهيك عن جمال الشكل الخارجي، فجذعه روعة في التناسق والإنسجام، مربع الشكل وكأنه خلق خصيصاً ليركبه الفارس. يتراوح ارتفاعه من 150 إلى 160 سم بمعدل 155 سم، وقد تجد حصاناً عربياً أصيلاً لا يتجاوز ارتفاعه 145سم. صغير الرأس، جميل التكوين، يوحي بالأصالة والرشاقة، متجانس مع العنق وبقية الجسم. أما قصبة الأنف فمقعرة بعض الشيء، وهذه ميزة تزيده رونقاً وجمالاً، منخراه واسعان رقيقان، وعيناه كبيرتان واسعتان تشعان بالحيوية، جلده شديد النعومة. ظهره غني بالعضلات، وصدره واسع يشير إلى سعة رئتيه، مما يدل على قدرة كبيرة على تحمل التعب.
العمود الفقري عند الحصان العربي يختلف عن باقي الخيول؛ فعدد فقراته أقل بفقرة أو فقرتين عن غيره. يتميز بغزارة تعرقه، وحسن تكوين وتموضع ذيله المرتفع، فعند العدو السريع يرتفع هذل الذيل جانبياً كالعلم ليعطي الحصان مسحة رائعة من الجمال. أما الأطراف فهي جيدة التكوين، متينة، بارزة الأوتار، تنتهي بحافر مدور، صغير وصلب شديد المقاومة، ويمتاز هذا الحصان بمشية طليقة، واضحة، مميزة فيها الكثير من الرونق والخيلاء، حتى قيل إن الخيل سميت خيلاً لاختيالها في مشيتها. وقد ارتبط اسم الخيول في بلادنا بالعرب، حتى أصبحت بقدرة الله آية جمالية ينشغل بها العالم، ولا توجد في العالم بأسره خيول تماثلها في القوة والروعة والجمال.
بالإضافة إلى أن الحصان هو عنوان الشجاعة، ولديه القدرة الهائلة على المقاومة والاحتمال؛ فإنه في الوقت ذاته شديد الاعتماد على نفسه، ولا يتطلب مزيداً من العناية، والاهتمام فهو يتحمل الجوع، والعطش بشكل عجيب، كما يقاوم الحر والبرد مهما اشتدت درجتيهما.
وأخيراً، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ، والخيلُ ثلاثةٌ: خيلُ أجرٍ، وخيلُ وِزرٍ، وخيلُ سِترٍ. فأما خيلُ سِترٍ؛ فمَنِ اتَّخذها تعفُّفًا وتكرُّمًا وتجمُّلًاً، ولم ينْسَ حقَّ ظهورِها وبطونِها في عُسْرِه ويُسْرِه. وأما خيلُ الأجرِ؛ فمن ارتبطها في سبيلِ اللهِ؛ فإنها لا تُغَيِّبُ في بطونها شيئًا إلا كان له أجرٌ؛ حتى ذكر أرْواثَهَا وأبوالَها، ولاتَعْدو فى وادٍ شوطًا أو شوطَين؛ إلا كان في ميزانِه. وأما خيلُ الوِزرِ؛ فمن ارتبطها تبذُّخًا على الناسِ؛ فإنها لا تُغَيِّبُ في بطونِها شيئًا إلا كان وزرًا عليه، حتى ذكر أرْواثَها وأبوالَها، ولا تعْدو في وادٍ شوطًا أو شوطَينِ إلا كان عليه وِزرٌ). فالمراد بالناصية هنا الشعر المسترسل على الجبهة، وهو علامة بينة من علامات الجمال. وكانت العرب تسمي الخيل خيراً، حيث يبدو ذلك جلياً في الآية الكريمة (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ، فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ…) فقد سمى سيدنا سليمان عليه السلام هنا الخيل خيراً. فيكفي الحصان العربي الأصيل فخراً؛ ارتباط اسمه بالخير