بقلم: إريكا لارسون | ترجمة (الأصالة)
لقد حان موعد قدوم المهر الذي طال انتظاره، وأنتم تتشوقون لمشاهدة فرسكم وهي تلعق المهر الوليد بلطف وتداعبه وتحنو عليه أثناء الرضاعة، وترعى بجانبه في المرعى. لكنه عندما أطل على الدنيا ها هي الفرس لا تسدي له شيئا. إنها تنصب أذنيها، وتلوّح برأسها، وتبتعد عنه بينما يتهادى هو نحوها. إنها ترفض مهرها والآن الأمر متروك لكم للتعامل مع الوضع.
استعرض اختصاصي الطب البيطري الدكتور شارلس إف. سكوجين بمؤتمر الجمعية الأمريكية لممارسي طب الخيول الذي عقد في عام 2014 مع الأطباء البيطريين كيفية التعامل مع ظاهرة رفض الأمهار. سكوجين هو طبيب بيطري مقيم في مزرعة كليبورن، كنتاكي، إحدى مزارع تربية وسباقات خيول الثوروبريد في باريس.
يقول سكوجين إنه في حين أنها تعد حالة غير شائعة إلا أن رفض المهر يعد ظاهرة سلوكية موثقة والتي قد تكون لها آثار ضارة على المهر، والفرس، والمالك.
يقول سكوجين: “يمكن أن يشاهد رفض المهر في جميع سلالات الخيول، مع وجود أعلى معدلات له في الخيل العربية (5.1%)، تليها الخيول الملونة (1.9٪)، والثوروبريد (أقل من 1٪)،” .
وأوضح أن الرفض يحدث عندما تفشل الأفراس في التعبير عن سلوك الأمهات الطبيعي كتمريغ أنفها على المهر وحمايته من المخاطر المحتملة والوقوف عن طيب خاطر للرضاعة. يقول سكوجين إنه يتسبب في هذا السلوك العديد من العوامل من بينها محفزات حسية ولمسية وهرمونية (مثل الأوكسيتوسين)، والغرائز الطبيعية؛ “بعض الأفراس أمهات أفضل من غيرهن”.
ويقول إنّ الأفراس التي ترفض مهورها عادة ما تصبح عدوانية (تركل، تعض، أو حتى تهاجم المهر بوحشية) في محاولة لرفض المهر.
تشمل عوامل خطر رفض المهر ما يلي:
- عمر الفرس وخبرتها (أكثر عرضة لرفض المهور من الأفراس الاكبر سنا والمتمرسة)
- مهر مرفوض سابقا
- مرض كامن أو ألم
- ضعف إنتاج الحليب
- ولادة مهر مريض أو غير طبيعي
- نقل الأفراس من بيئتها الطبيعية
- المعاملة القاسية
بالإضافة إلى ذلك، يقول سكوجين، يمكن أن تكون المهور التي تعالج بثنائي ميثيل- أو الأدوية الأخرى ذات الروائح النفاذة- يمكن أن تكون لها رائحة متغيرة تشوش على إدراك حاسة الشم لدى الفرس.
“الحجر” لمعالجة المهر المرفوض
يقول سكوجين عندما يستخدم الحجر او الفرز لمعالجة المهر المرفوض، يتعين إبعاد جميع الخيول والبشر على نحو آمن قدر الإمكان. آخذين كل ذلك في الاعتبار، ينبغي أن يكون الخوف الأساسي هو ضمان سلامة المهر ورفاهه. ينبغي نقل كل المهور على الفور من الأفراس التي تبدي علامات على العدوانية.
يقول سكوجين: ” بمجرد أن يكون المهر في مكان آمن وإذا لزم الأمر، ينبغي أن يعطى نصف لتر واحد على الأقل من اللبأ ذي النوعية الجيدة، من خلال أنبوب أنفي معد للنقل السلبي للغلوبينات المناعية والتغذية” ويضيف أنه يمكن أيضا إعطاء البلازما في الوريد لضمان النقل السلبي.
على مقدم الرعاية من ثم إطعام المهر كل 2-3 ساعات بحليب أمه، حليب الماعز، أو بديل تجاري للحليب.
ويواصل: ” يمكن أيضا إعطاء الرعاية الداعمة، في شكل سوائل عن طريق الوريد وكذا مضاد للميكروبات واسع الطيف وفقا لتقدير الطبيب البيطري لمنع أو علاج جفاف وتعفن الدم”،.
التعامل مع المهور المرفوضة
بمجرد حصول المهر على الاهتمام المباشر اللازم، هناك مجموعة متنوعة من الطرق للتعامل مع الوضع.
التقييد البدني: هو أحد أكثر الوسائل شيوعا في التعامل مع المهر المرفوض كما يقول سكوجين. وتحت تلك المظلة هناك عدة طرق لتقييد الأفراس .
- التقييد المسيطر عليه: وهو ببساطة، وجود سائس يمسك بالفرس من مقود يمنعها من المشي، إبعاد أرجلها الخلفيتين من المهر، أو الاستدارة نحو المهر، وهي كلها يمكن أن تمنع المهر من الرضاعة. هذه هي الخطوة الأولى التي تتخذ وغالبا ما تكون مفيدة في الحالات التي تتجنب فيها الفرس المهر ولكنها لا تكون عدوانية نحو المهر. هذه الطريقة المعينة يبدو أنها فعالة للغاية بالنسبة للأفراس المتمرسة أو التي لم يسبق لها الولادة حيث إنها يمكن تكييفها على المهر عندما يكون في منطقة الضرع.
- سلسلة الشفة أو الشد على السلسلة (التلويش): استخدام أو الشد على سلسلة الشفة من شأنه إلهاء الفرس وصرفها أثناء تكييفها على السماح للمهر بالرضاعة. يقول سكوجين إن سلسلة الشفة (التلويش) تسمح للسائس بضبط مقدار الضغط على الفرس بسهولة أكثر من الشد.
- استخدام الحاجز: وصف سكوجين أيضا استخدام حاجز مبطن ذي لوحة قابلة للإزالة بين الفرس والمهر، والذي يسمح للمهر بالرضاعة بينما يوفر أيضا حماية إذا كان لابد من ترك الاثنين دون مراقبة. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الوضعية تسمح لمقدم الرعاية بتقييد رضاعة المهر للحيلولة دون إصابة الفرس بالتهاب الضرع. وأصدر سكوجين بضعة كلمات تحذيرية حول استخدام الحواجز: “من الواضح أن أحد الجوانب السلبية لهذه الوضعية هو أنها لا تسمح للفرس بالتواصل البصري المستمر مع المهر، وخصوصا عندما يحاول الرضاعة، ومن المهم أيضا السماح للفرس ببعض الوقت خارج الحاجز أو القطيع بحيث لا تصبح قاسية أو تصاب بالوذمة القاصية (أسفل) الأطراف.
أكد سكوجين أن جميع وسائل التقييد البدني هي فقط حلول مؤقتة لهذه المشكلة. ويقول إن بعض الأفراس تقبل مهرها بعد فترة قصيرة، في حين أن أخرى قد تكون ممتعضة.
تعديل السلوك: غالبا ما يستخدم جنبا إلى جنب مع التقييد البدني وأوصى سكوجين بالتعزيز الإيجابي- منح التعزيز، الفرك أو الربت، أو إعطاء مكافأة- كوسيلة لمكافأة السلوك الجيد للفرس تجاه مهرها.
يقول سكوجين: “خير مثال هو الإمساك بالفرس عبر سلسلة الشفة (التلويش) أثناء محاولة المهر للتواصل مع الفرس ورضاعتها” ويضيف: “يمكن تخفيف الضغط على السلسلة عندما تبدي الفرس اهتمامها بالمهر ويمكن للصوت المهدئ والفرك اللطيف على رقبة الفرس أن يشكل مكافأة للفرس لحسن السير والسلوك”.
التدخل الصيدلاني: إذا فشل التقييد البدني، فلدى الأطباء البيطريين عدة خيارات من الأدوية في محاولة مساعدة الفرس في الارتباط بمهرها. إعطاء الفرس بعض الأدوية المهدئة قد يفيد في بعض الحالات، إلا أن سكوجين حذر من أن بعض المهدئات قد تجعل بعض الخيول شديدة الحساسية وعدوانية تجاه المؤثرات الخارجية.
“لذلك، ينبغي للأطباء أن يكونوا حذرين في اختيارهم لمعايير استخدام المهدئات والمسكنات حتى لا يعقدوا المشاكل المرتبطة برفض المهر أكثر”.
وثمة خيار آخر هو إعطاء دواء البروستاجلاندين-F2 و هو دواء غالبا ما يستخدم في إثارة الشياع في الأفراس. يبدأ بروتوكول سكوجين المفضل، الذي يطلق عليه كونكافيشن concaveation والذي وصف لأول مرة منذ عدة سنوات من قبل اختصاصي الإنجاب بيتر ديلز، يبدأ من خلال تحويل المهر عن بصر الفرس قبل إعطائها جرعة كبيرة من البروستاجلاندين-F2.
يقول سكوجين: “بعد ما يقرب من 15 إلى 20 دقيقة من تلقي الفرس للدواء تظهر عليها علامات من التعرق الشديد والتشنج، وكذلك إدرار الحليب” ويضيف: ” مع وجود شخص يمسك بالفرس وآخر يقود المهر يتم أخذ المهر مرة أخرى الى داخل البوكس ويقدم عند رأس الفرس. في كثير من الأحيان تستكين الفرس وتصهل للمهر”.
ويمضي سكوجين بقوله انه بعد ذلك، ينبغي للسائس تشجيع المهر على الرضاعة. غالبا ما تقبل الأفراس مهورها في غضون 15 إلى 30 دقيقة، ويمكن تركها طليقة مع مهرها وتركهما وحيدين للتفاعل والارتباط.
“هذا البروتوكول يبدو أنه فعّال في “إعادة برمجة سلوك الفرس حول متى تصبح مهتمة للغاية بالمهر وتقبله” ويزيد سكوجين بقوله: “اذا كانت الفرس لا تزال ترفض المهر بعد المحاولة الأولى، فإن هذه الطريقة يمكن أن تكرر بعد 24 ساعة”.
وحذر من أن الأفراس عرضة في بعض الأحيان للآثار الجانبية بما في ذلك مغص خفيف وإسهال، ولكن هذه عادة ما تكون قصيرة الأمد. كما أشار إلى أنه على الرغم من فعاليته، إلا أن الأطباء البيطريين ما زالوا يجهلون تماما كيفية نجاح هذا البروتوكول بالذات.
استبدال الفرس: للأسف، بعض الأفراس لا تقبل مهورها.عند هذه النقطة، أوصى سكوجين باستبدال الفرس، والذي يستخدم عادة عندما تصبح الأم مريضة جدا أو تنفق.
يقول إن الأفراس المرضعة تعد خيارا ممتازا إذا كانت متاحة. عمليات الأفراس المرضعة التجارية سائدة إلى حد ما في وسط ولاية كنتاكي، ولكنها نادرة في أجزاء أخرى من البلاد.
إذا لم تكن الفرس المرضعة خيارا، يمكن للأطباء البيطريين اختيار الرضاعة في فرس أخرى.
“يفضل أن تكون الفرس قد ربت مهورا في الماضي ولها مزاج مستقر، ولينة العريكة إزاء التعامل والتقييد ولها ضرع جيد التشكل وخالية من الأمراض ومشاكل العضلات والعظام”.
وأضاف أن استخدام البديل هو الخيار الأفضل بدلا من تربية مهر يتيم، لأن الخيار السابق يميل إلى إفراز آثار سلبية أقل على نمو المهر وسلوكه.
وأشار سكوجين أيضا إلى أن الفحل بلبيت، أحد أنجح الفحول لمزرعة كليبورن، ربي على فرس مرضعة.
كانت لسكوجين نسبة نجاح بلغت 100٪ في تشجيع السلوك الملائم للأمهات وقبول المهر في غضون 72 ساعة من الولادة.
رفض المهر من حيث الممارسة
يقول سكوجين إنه من بين الأفراس التي عالجها في السنوات الست الماضية كانت هنالك ثمان أفراس من أصل ما يقرب من 700 فرس، رفضت مهورها وتراوحت أعمارها ما بين4-6 سنوات. وقال إنه كانت له نسبة نجاح بلغت 100٪ في تحفيز السلوك اللائق للأمهات وقبول مهورها خلال 72 ساعة من الولادة وذلك عن طريق:
- التقييد الجسدي وحده في حالة واحدة.
- التقييد البدني بالإضافة إلى مهدئ للأعصاب في خمس حالات.
- بروتوكول كونكافيشن concaveation في حالتين.
وقال ايضا إنه استخدم التقنيات المذكورة أعلاه في استغلال 24 من الأفراس المرضعة مع 22 من المهور (التي تراوحت أعمارها ما بين 6-32 يوما) خلال خمسة أيام بنسبة نجاح بلغت 91.7٪.
الخلاصة:
ختم سكوجين: “يعد رفض المهر غير شائع الحدوث نسبيا من حيث الممارسة السريرية العملية ” وزاد: “ومع ذلك، عندما يحدث يمكن أن يكون محبطا في التعامل معه وحدوثه أمر مقلق”.
إن التعامل مع رفض المهر مضن ولكنه لا يحتاج لوقت مطول في القيام به. وقال إنه عن طريق الخطوات الثابتة والمتواصلة يمكن لمقدمي الرعاية إعادة تعريف الأفراس بمهورها بنجاح أو إرضاعها في أفراس أخرى.