على الرغم من انتشار الخيول العربية بكثرة في الوطن العربي، إلا أن الدول العربية لم تعد تهتم بالحفاظ على سلالات الخيول العربية، ما عدا دول مجلس التعاون الخليجي، التي تبدي اهتماماً كبيراً لإعلاء شأنها، بينما نرى في دول أخرى إهمالاً كبيراً في هذا المجال، على الرغم من امتلاكها كافة المقومات الأساسية لتنظيم السباقات والمنافسات التي تبرز مكانة الخيول العربية.
يملك السودان تاريخاً ناصعاً ومشهوراً في سباقات الخيل، وخاصة في فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. وقد حضر كبار المسؤولين لزيارة السودان ومشاهدة سباقات الخيل ، تتقدمهم الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا في عام 1965 في زمن الرئيس إبراهيم عبود .
وشهد السباق إبان حكم نميري، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك الراحل خالد بن عبد العزيز آل سعود، والملك الراحل فهد بن عبد العزيز آل سعود، وعدد من الحكام من مختلف أنحاء العالم.
ولكن الحال تبدل حالياً، حيث تضاءل الاهتمام بسباقات الخيول العربية أو الاهتمام بمسابقاتها وأنشطتها، على الرغم من الجهود التي يبذلها اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية في السودان، و رئيس إتحاد الفروسية .
ويقول رأفت عبد الرحمن بله سكرتير اتحاد الفروسية السوداني، إن الخيول العربية غير مسجلة في منظمة «الواهو»، ولا توجد سباقات خاصة لها أبداً حالياً في مختلف المضامير السودانية، بالرغم من وقوع السودان في المنطقة الجغرافية للخيول العربية الأصيلة .
تاريخ حافل
ويعود وجود الخيل في السودان إلى القرن الثامن قبل الميلاد، إبان حكم الملك بعانخي، الذي أحب الخيل جداً، وهجم بجيشه على مصر عندما علم أن حكام الدلتا يسيئون معاملة خيولهم. وأصبحت الدولتان دولة واحدة إثر هذا الغزو.
ودخل الخيل العربي إلى السودان بعد هجرة قبيلة تليّ من الجزيرة العربية إلى شرقي السودان قبل الميلاد بقليل. ولعل أكبر عدد من الخيول العربية تجمع في السودان في وقت واحد، هو العدد الذي أحضره القائد المسلم محمد القمي سنة 255م، 868م، وقد علق الأجراس في رقاب هذه الخيول في حربه ضد قبائل البجة، فذعرت منها إبل البجة، وانتهى الأمر بينهما بالصلح. كما أحضرت قبيلة هوازن خيلها معها عند هجرتها إلى السودان، فراراً من الحجاج بن يوسف. وكانوا في حربهم ضد القبائل المحلية يركبون خيولهم ويحملون السياط. لذا، أسمتهم هذه القبائل بالحلنقة، وهو اسم السوط في اللغة المحلية، ومن ثم، عرفت هذه القبيلة باسم الحلنقة. وما زالوا حتى الآن يمتلكون الخيول ويقاتلون على صهواتها.
غرب السودان
ودخل الحصان العربي إلى غربي السودان عن طريق القبائل العربية التي هاجرت من مصر، مثل سليم وفزازة وجهينة وغيرها. وكانت هذه القبائل تعنى بتربية الخيول، خاصة لدى قبيلتي المسيرية والرزيقات.
وازدادت العناية بالخيل العربي، بعد قيام مشروع الجزيرة الزراعي عام 1926، فقد جلبت الشركة التي تولَّت إدارة المشروع، عدداً كبيراً من الخيول العربية، ليتنقل بها مفتشو الغيط بين الحقول. ومن ثم، أنشئ نادي الجزيرة لسباق الخيل، وازدادت العناية بتربية الخيول.
صفات الخيول
ويعتبر الحصان الدنقلاوي، من أوائل الخيول التي وصلت إلى السودان من مصر، عبر النيل، في العصر المملوكي، ويبلغ طوله 15.2 وبالرأس أنف روماني.
أما الرقبة فهي قصيرة مع استقامة في الكتف، ودائماً ما يكون اللون أحمر قاتماً. ويوجد الحصان الكردفاني والبقاري في غربي السودان في كردفان ودارفور، وقد وصل إليها في القرون الوسطى، وهو أصغر حجماً من الدنقلاوي، حيث يبلغ طوله 14، ولكنه أفضل من الدنقلاوي بكثير، ودائماً يرتفع في الأسعار حسب الطلب، وهو حصان مربع وصلب، وله قوة تحمل تفوق الخيول العربية في المسافات الطويلة.
الحصان السوداني، وهو ما جاء من دارفور، وهو حصان قوي له قدرة تحمل، يستعمل في السفر والصيد والزراعة، بجانب استخدامه في السباقات في الفاشر والجنينة وفي الضعين. وفي دارفور، يعتبر الحصان فرداً من أفراد الأسرة.
ومنذ الستينيات، بدأ تحسين النسل، حيث يتم دمجها مع الخيول العربية الأخرى، حيث يكتسب ميزات تنعكس على السرعة ونوع الحصان.
الحصان العربي جميل جداً، ويمتاز بتقاطيع جميلة، وقدرة هائلة على التحمل. الخيول العربية تصل قيمتها إلى 350 مليون جنيه سوداني أو تزيد، والحصان السوداني المحسن قيمته 120 مليون جنيه، والدارفوري ما بين 10 آلاف و40 ألفاً.
ويرجع عدم فوز الخيول السودانية في المسابقات الإقليمية والعالمية في منافسات سباقات الخيل، إلى المرض الذي يصيب الخيول الأفريقية بصفة عامة، وهو ما يعرف بمرض «النجمة»، ويطلق عليه «الذبابة الأفريقية». وظلت الخيول السودانية تعاني على مدار السنوات الماضية من هذا المرض، ما حرم السودان من تطوير الخيل والمشاركات الدولية.