ذكر الله سبحانه وتعالى الخيل في كتابه، وبين مكانتها، وأنها مخلوق له صله وارتباط وثيق بالإنسان, حيث جاء في القرآن تسخيرها للإنسان، فقال تعالى: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ). فكيف لعاقل لبيب أن يبالغ بالضرب، أو يهين كائناً كرمه الاسلام، وجعل الخير معقود في نواصيه إلى يوم القيامة!.
ومثلنا اليوم؛ (أكرم الخيل أجزعها من السوط) معناه أن الفرس الكريمة تحرص ألاّ ينالها الضرب لأن فيه مذلة، فهي لذلك لا تحوج فارسها إلى استعمال سوطه، لأنها تُنجز ما يُراد منها دون أن تُدفع إليه. ويُضرب المثل للشخص الكريم الخُلق الحريص على ألاّ يُهان أو يُقرّع.
وكون الخيل تنجز ما يراد منها دون أن تدفع إليه؛ فهذا دليل على مدى ذكاء هذه الكائنات، وإحساسها المرهف، وارتباطها القوي بصاحبها الذي يعاملها برحمة ورفق كما يعامل أبناءه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ رفيقٌ يحبُّ الرِّفقَ ويرضاهُ ويعينُ عليهِ ما لا يعينُ على العنفِ فإذا ركبتم هذهِ الدَّوابَّ العجمَ فنزِّلوها منازلَها فإن أجدبتِ الأرضُ فانجوا عليها…).
ومن مشاهد شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته ببقية المخلوقات ما يرويه عبد الله بن عمر حيث قال: كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حُمَّرَة (طائر صغير كالعصفور) معها فرخان، فأخذنا فَرْخَيْهَا، فجاءت الحُمَّرَة فجعلت تُعَرِّشُ (أي: ترفرف، والتَّعْرِيش أَن ترتفع وتظلَّل بجناحيها على من تحتها)، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا“.