كان التعرف على الخيول العربية الأصيلة، أحد أهم أهداف الرحالة الإيطالي كارلو كلاوديو غوارماني، خلال رحلاته داخل الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر.
سافركارلو مع والده الذي كان يعمل بالتجارة آنذاك، إلى بيروت عام 1850، وهناك حصل على وظيفة ممثل للبريد الإمبراطوري الفرنسي في القدس، وفيها تعرف على الحصان العربي الأصيل، فارتبط بالخيول العربية بشكل قوي، ما حدا به بالبدء في أبحاثه حولها، وسعى للتعرف على أنواع الخيول العربية، عبر رحلاته وتجواله، وقد تطورت أبحاثه حول الخيول العربية إلى أن أصدر كتابا في عام 1864 عنوانه:”الخمسة – الحصان العربي الأصيل”، تحدث غوارماني في هذا الكتاب عن الأصول الخمسة للحصان العربي”كحيلان، عبيان، صقلاوي، حمداني، وهدبان”، كما عرض آليّة لاستخدام الحصان العربي في تطوير سلالات الخيول الأوروبية، وقد استغرقت أبحاثه عن الخيول العربية زمنا طويلا. أعيد اصدار الكتاب في عام 1984 باللغة الإنجليزية بعد أن كان قد طبع بالفرنسية والألمانية.
استطاع غوارماني إجادة التحدث باللغة العربية، الأمر الذي مكنه من معرفة قبائل الجزيرة العربية، وأصول الخيل من أهلها، وظل متنقلا في المنطقة تحت اسم تركي وهو خليل أغا. وقد كُلف غوارماني بانتقاء وشراء مجموعة من أفضل الخيول العربية الأصيلة، فحل ضيفا على نجد عام 1864،حيث زار تيماء وخيبر وحائل وعنيزة التي قال عنها: “إنها أكبر مدن نجد، ويتاجر أهلها بالخيول التي يشترونها من البدو بعد فطامها ليربوها عندهم حتى تكبر، ثم يجلبوها إلى الكويت، ومنها تصدر إلى بلاد فارس والهند”.
من انطباعات غوارماني الجميلة عن خيل الجزيرة العربية: ” قد تصادف حصانًا عربيا أصيلا لا يتجاوز ارتفاعه 145 سم، لونه رمادي أو أشهب أو بني، أو أسمر، أو أشقر، أو أسود، ورأسه صغير ونحيف جميل التكوين، يوحي بالأصالة والرشاقة، متجانس مع العنق وبقية الجسم. قصبة الأنف معفرة بعض الشيء، وهذه ميزة خاصة به تزيده رونقا وجمالا. منخراه واسعان رقيقان. عيناه كبيرتان واسعتان تشعان بالحيوية. جلده شديد النعومة. أما ظهره فهو غني بالعضلات، أفقي وعريض (فسيح). أما الصدر فواسع يشير إلى سعة رئتيه، وعند العدو السريع يرتفع الذيل جانبا كالعلم، فيعطي الحصان ملمحا رائعا من الجمال. أما الأطراف فهي جيدة التكوين متينة بارزة الأوتار، تنتهي بحافر مدور صغير وصلب شديد المقاومة، ويمتاز هذاالحصان بمشية طليقة، واضحة، مميزة، فيها كثير من الرونق والخيلاء”.