يؤدي مرض خناق الخيل إلى التهاب الغدد اللمفاوية، ومن ثم ينغلق البلعوم فينحبس التنفس .. لتنحبس معه أنفاس الملاك والمربين خوفا على خيلهم من الاختناق والنفوق. فهذا المرض معد وحاد يصيب الفصيلة الخيلية، ويتميز بالحمى والتهاب الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية العليا، وتقيح العقد البلغمية في المنطقة المصابة.
ينتشر مرض خناق الخيل في عدد من دول العالم كالولايات المتحدة الأمريكية، حيث يبلغ نسبة 25% من الأمراض المعدية المميتة عند الأمهار، و17% من الأمراض المسببة للإجهاض عند الخيول. كما يتواجد المرض في أوروبا بصورة محدودة .
يسبب المرض جراثيم تسمى بالمكورات العقدية. تحتفظ هذه الجراثيم بحيويتها لعدة أسابيع في الوسط المحيط، حيث تعيش في الماء لمدة ( 6-9) أيام، وعلى الآذان والجلد من ( 3-4 ) أسابيع، وبدرجة حرارة الغرفة (5-6) شهور. وهي حساسة لدرجة الحرارة العالية الرطبة، حيث تقتل بالغليان بدرجة 100ْم، كما أنها ضعيفة المقاومة للمطهرات العادية .
يصيب هذا المرض الخيول بخاصة الأمهار بعمر شهرين فما فوق، ونادرا ما يصيب الخيل فوق خمس سنوات. أما الحمير والبغال فهى أقل قابلية للإصابة. يتصف المرض بشدة العدوى حيث إنه وخلال عدة أيام يمكن أن تصاب 50% من الحيوانات المخالطة. يتعايش العامل المسبب على الأغشية المخاطية للمجاري التنفسية العليا، حيث أمكن عزله من الحيوانات السليمة، ولانتشار المرض يجب توفر بعض العوامل الممهدة لحدوثه، كالإصابة ببعض الأمراض الفيروسية مثل الأنفلونزا، أو التهاب الأنف والرئة الحموي عند الخيول، بالإضافة لبعض العوامل الأخرى كتدني مقاومة الحيوان نتيجة للإرهاق والضعف، وسوء التغذية، وسوء التهوية والازدحام وعدم النظافة.
غالباً ما تحدث العدوى نتيجة لإدخال حيوانات مريضة للحظيرة، حيث تطرح العامل المسبب مع الإفرازات الأنفية أوالصديد مشكلة بذلك مصدراً للعدوى التي تنتقل في الغالب عن طريق المجاري التنفسية نتيجة للاستنشاق، أو عن طريق جهاز الهضم نتيجة أعلاف ومياه ملوثة بالعامل المسبب، كذلك يمكن للعدوى أن تحدث عن طريق الجروح وخاصة بعد الخصي، أو عن طريق المهبل قبل أو أثناء الجماع، أو عن طريق الضرع نتيجة لرضاعة الأمهار المصابة لأمهاتها .
تتراوح فترة الحضانة مابين (1-8 ) أيام ويظهر المرض بشكلين :
الشكل النموذجي :
تبدأ الأعراض بارتفاع درجة الحرارة ( 40ْم -41ْم ) وتوقف الحيوان عن تناول الطعام، ثم يصاب الحيوان بنزلة أنفية حادة مصحوبة بإفرازات مصلية في البداية، لتصبح فيما بعد مخاطية قيحية. تتشكل على الأغشية المخاطية للأنف عقد وحويصلات تترك بعد تمزقها تقرحات، كما يلاحظ التهاب في الفم والملتحمة. في بعض الحالات يكون التهاب البلعوم العرض الأول للمرض، حيث يتورم ويصبح مؤلم، إضافة إلى صعوبة في البلع مما يجبر الحيوان على مد رأسه للأمام لتخفيف الآلام . تتضخم العقد اللمفاوية في منطقة البلعوم بشكل مفاجئ لتشمل منطقة البلعوم وتحت الآذان، حيث تتقيح فيما بعد، إضافة إلى تورم المنطقة المحيطة بالعقد اللمفاوية. تلين العقد اللمفاوية وتفتح للخارج، كذلك فإن خراجات خلف البلعوم تصب في الأكياس الهوائية أو في فراغ البلعوم، وقد تفتح هذه الخراجات للخارج عبر ناسور بلعومي. قد يمتد الالتهاب إلى الأكياس الهوائية و العضلات والحنجرة، كمايصدر عن الحيوان سعال رطب تشنجي مؤلم، إضافة إلى ضيق في التنفس وحشرجة. بعد خروج الصديد تنخفض درجة الحرارة لتعود لحالتها الطبيعية وتتحسن حالة الحيوان .
الشكل الشاذ :
عند امتداد الالتهاب وانبثاثه إلى الأعضاء الداخلية كالكبد والكليتين أوالعقد اللمفاوية الأخرى، يؤدي إلى سوء حالة الحيوان. فمن خلال استنشاق الصديد يؤدي إلى حدوث التهاب رئوي حاد مع صعوبة في التنفس، وعند إصابة العقد اللمفاوية المساريقية يحدث اضطراب في عملية الهضم ومغص وهزال الحيوان. كذلك يمكن ملاحظة التهاب البريتوان القيحي. قد تصل الإصابة للدماغ مؤدية لحدوث التهاب سحائي قيحي وحدوث بعض حالات الشلل عند الحيوانات. أما التسمم الدموي الجرثومي فيؤدي إلى التهاب المفاصل وفي أغلب الحالات للنفوق السريع، كذلك قد تلاحظ بعض الحالات المزمنة التي تترافق بأعراض فقر الدم. إذا حصلت العدوى عن طريق الجماع نلاحظ تغيرات على الأغشية المخاطية وخراجات في الجهاز التناسلي الأنثوي، كما أن المكورات السبحية الخيلية تسبب حالات من العقم بدون أعراض إجهاض والتهاب في السرة.
يكون سير المرض حسناً في الشكل النموذجي حيث يحدث الشفاء خلال ( 2-3 ) اسابيع، أما في الشكل الشاذ فالتكهن غير مواتي، نظراً لطول فترة المرض وإصابة الأعضاء الداخلية، حيث تصبح الاستفادة من الحيوان محدودة.
كلما كان العلاج بالمضادات الحيوية مبكراً؛ كلما كانت النتائج المرجوة أفضل، حيث يعطى الحيوان المصاب البنسلين بواقع 5 مليون وحدة دولية لكل جرعة، أو إعطاء الكلورام فينيكول بجرعة واحد غرام حقناً في العضل، أو 1.5 غرام عن طريق الفم لمدة خمسة أيام، وذلك لتفادي تشكل الخراجات. إضافة للمعالجة بالمضادات الحيوية؛ يجب وضع الحيوان في ظروف جيدة وفي مكان دافئ بعيد عن التيارات الهوائية، ومن ثم القيام بالعلاج الجراحي حيث تفتح الخراجات الناضجة وتعالج بالمطهرات. كذلك العلاج العرضي كإعطاء المسكنات وخافضات الحرارة والأدوية الداعمة للحيوان. كما أن إعطاء المصل المضاد بواقع (100- 200) مل يومياً في الوريد يساعد على تحسين حالة الحيوان .
للوقاية من المرض يجب اتباع الأساليب الصحية في التربية داخل الحظائر، إضافة إلى عزل الحيوانات المريضة، والتخلص الصحي من الإفرازات الصديدية، وتخصيص آنية شرب لكل حيوان مصاب وكلاّف خاص لخدمة الحيوان المصاب، بالإضافة للقيام بتطهير الحظائر بعد الإصابة .