من المقرر إقامة معرض مذهل في المتحف البريطاني يتتبع تاريخ الخيول خلال الصيف الحالي، وتحل المملكة العربية السعودية كضيف شرف. المعرض الذي يقام تحت عنوان «الخيول: من المملكة العربية السعودية إلى مهرجان (رويال أسكوت)»، يقام في توقيت يتزامن مع احتفالات بريطانيا باليوبيل الماسي للملكة إليزابيث الثانية ويشير منظموه إلى أنه يعد هدية للملكة والشعب الإنجليزي بمناسبة الاحتفال.
يقول الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود، وزير التعليم، ورئيس صندوق الفروسية السعودي وهي الجهة المنظمة للمعرض، إن «تاريخ الخيول هو تاريخ الحضارة ذاتها، فلطالما كانت الخيول العربية، التي تعد رمزا للجمال والنبل والعزة والكبرياء، مثار إعجاب العالم لما تتمتع به من خصال أصيلة». وأضاف: «أعتقد أن تراثنا الثقافي يحدد هويتنا كأمم متفردة، لكنه أيضا يوحدنا مع الشعوب الأخرى حول العالم، وما نتقاسمه من حب للخيول أكبر مثال على ذلك، حيث يجمعنا بالشعب الإنجليزي الشغوف بالخيول، ويبدو من المناسب الاحتفال باليوبيل الماسي لجلوسها على العرش بإقامة معرض في المتحف البريطاني. إنه لشرف عظيم أن توافق الملكة، التي يُعرف عنها عشقها للخيول، على رعاية هذا المعرض».
وسيقام المعرض، الذي يحمل عنوان «الخيول: من المملكة العربية السعودية إلى مهرجان (رويال أسكوت)»، في 24 مايو (أيار) وسيستعرض أثر الخيول الكبير على الحضارات القديمة وتأثيرها على تاريخ الشرق الأوسط منذ 3500 قبل الميلاد إلى يومنا هذا.
وسيتم عرض أعمال فنية لا تقدر بثمن من مختلف أنحاء العالم ومن بينها قطع من مجموعة الملكة إليزابيث التي لم تعرض للعامة إلا نادرا. من تلك القطع حصان فابرجيه من الفضة لـ«بيرسيمون» وهو من خيول السباق الذي يمتلكه جد الملكة إدوارد السابع والذي فاز عام 1896 بسباق «إبسوم ديربي» الذي يعد أقدم سباق مسجل وهو ما جعل من بيرسيمون نجما عالميا. وسيضم المعرض أيضا لوحة للفنان جورج ستابس صور بها للايتيتيا، زوجة السير جون ليد، مدير أمير ويلز آنذاك لشؤون السباقات، والذي طلب رسم هذه اللوحة.
وفي جانب آخر أقرب إلى المعاصرة، تعرض بعض ملابس الملكة التي حضرت بها سباقات خيول، ومن بينها رداء من الحرير الأحمر القاني والأرجواني والبوروكيد الذهبي والقبعة المخملية السوداء ذات الحواف الذهبية.
ولا يخلو المعرض من مقتنيات قادمة من المملكة العربية السعودية تعود إلى آلاف السنوات. من أكثر جوانب عروض المعرض إثارة البانوراما التفاعلية لمشاهد من الصخور في الصحراء العربية، من ضمنها حفرية صخرية قديمة لحصان يعود إلى آلاف السنوات قبل الميلاد، ويعد هذا بمثابة تحد لما يعرف عن بداية استئناس الخيل. وستتيح تكنولوجيا غيغابان للزوار النظر عن قرب بعدسة مكبرة لفحص المنحوتات الصخرية التي تعود إلى حقبة ما قبل التاريخ.
وفي معروضات أخرى يظهر أكثر من تصوير للخيول والفرسان تعد من أقدمها، ومنها قالب من الفخار عثر عليه في بلاد الرافدين يعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و1800 قبل الميلاد، فضلا عن مخطوطة «الفروسية» تتضمن رسوما مستعارة من المكتبة البريطانية وتعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي.
وقال الأمير فيصل: «الفروسية فن من أنبل الفنون في التاريخ. لهذا، تهتم المملكة العربية السعودية بتعزيز العلاقة بين الإنسان والخيل. ورغم سيطرة الآلات على عالمنا اليوم، لم تختف هذه الرابطة الروحية بين الإنسان والفرس».
وأوضح قائلا: «طالما كان الخيل العربي هدية ثمينة يتبادلها الملوك والملكات والرؤساء والسلاطين والشيوخ عبر التاريخ. تتأثر الروح الإنسانية بجمال ودماثة ونبل تلك المخلوقات. ويتجلى في إعجابنا واحترامنا جميعا لها العلاقة الطويلة التي تربط بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية».
يقام المعرض برعاية مجلس أمناء صندوق الفروسية السعودي، ومؤسسة «لايان فاونديشين» الثقافية، و«جادمونت فارمز». وأقيم بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار السعودية ومكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض.
وتقدم مكتبة الملك عبد العزيز العامة للمعرض على سبيل الإعارة مخطوطة فريدة لعباس باشا التي تعد المصدر الأول للمعلومات عن سلالة الخيول العربية الأصيلة التي اقتناها نائب حاكم مصر في القرن التاسع عشر من الشرق الأوسط. كذلك يعد المعرض فرصة لاستعراض القرابة بين الخيول البريطانية والعربية التي حدثت من خلال وصول ثلاثة فحول عربية إلى بريطانيا في القرن السابع عشر كانت هي النواة الأولى لسلالة الثوروبريد، فـ95 في المائة من سلالة الثوروبريد الحديثة تنحدر من تلك الفحول الثلاثة.
وترجع أهمية هذه المخطوطة إلى ما تحتوي عليه من معلومات تاريخية وأدبية وجغرافية عن فترة حكم الإمام فيصل بن تركي والتي تم تجميعها من روايات شفهية.
إضافة إلى ذلك، تقدم المخطوطة عرضا لأصول الخيول العربية التي انتقلت من نجد إلى مصر والتي وصلت بعضها بعد ذلك إلى أوروبا وأميركا.