كتب هيثر سميث توماس | ترجمة (الأصالة)
تتحمل الخيول التي تتمتع بصحة جيدة درجات الحرارة المنخفضة أفضل منا نحن البشر، إلا أن أطرافها ما تزال عرضة للفحة الصقيع.
الخبر السار بشأن لفحة الصقيع في الخيول هو أنها نادرا ما تحدث. لكن في بعض الأحيان هناك علامات منبهة على أن الحصان قد أمضى الكثير من الوقت في البرد القارس، وقد يكون مهرا فقد أطراف أذنيه، أو ربما حتى جزءا من ذيله. غير أن الخيول، وكقاعدة عامة، تحتمل درجات الحرارة الباردة أفضل من البشر؛ فجسم الحصان في الواقع أفضل في الاحتفاظ بالحرارة في الطقس البارد من تبديدها في الطقس الحار. وبينما يكون النهار أقصر في الخريف، فإن الحصان يبدأ تساقط الشعر في الصيف ويربي غطاءً شعريا أطول وأكثف. ونسبة لأن درجات الحرارة تتراجع قليلا ليلا، يعمد الحصان لتخزين المزيد من الدهون تحت الجلد- وهكذا يوفر عازلا ضد فقدان البرودة والحرارة المتناقصة من الجسم. ويعني هذا أن الأوعية الدموية السطحية التي تشع الحرارة في الصيف تكون أكثر عمقا تحت الجلد في فصل الشتاء.
يميل البشر إلى تجمد أصابع القدم والأنامل، والأنوف في الطقس شديد البرودة، إلا أن الخيول نادرا ما تعاني من لفحة الصقيع. إن خطم الحصان مزود جيدا بالدم، ويمكن أن يحتمل البرد القارس دون تجمد. كما أن أقدامه وسيقانه خلقت على نحو يمكنه من الوقوف في عمق الثلوج دون مشقة أو ضرر.إن أطرافه النحيلة هي بشكل رئيسي عبارة عن عظام وأوتار تحت الركبتين والعراقيب، تتطلب دورة دموية أقل من العضلات. وبالتالي، فهي أقل عرضة للفحة الصقيع. وتحتاج خلايا الأنسجة في العظام والأوتار لكمية أقل من الدم للمحافظة، بخلاف العضلات، كما أنها تفقد حرارة أقل.
أما كبسولة الحافر السميكة والكثيفة ( جدار وأخمص قرنية ( فتساعد على حماية الأنسجة الداخلية للقدم. يستطيع الحصان تحويل الدم بعيدا عن قدميه، وما تزال أقدامه تعمل بشكل جيد للغاية. وعندما تصير القدم باردة، يمكن للدم أن يتدفق من أدق الشرايين مباشرة في الأوردة، دون الحاجة إلى المرور من خلال الشعيرات الدموية الدقيقة. ولقد خلق الحصان بهذه الآلية الوقائية للحفاظ على قدميه من التجمد.
كما إن عُرف الحصان وذيله يوفران الحماية، فهو غريزيا يدير ظهره للريح حاميا لوجهه رقيق البشرة ورقبته ( اللتان يوجد بهما الكثير من الأوعية الدموية السطحية). كما أن ردفه وظهره لهما بشرة وشعر أكثر كثافة، وعدد أقل من الأوعية الدموية السطحية، ويمكن أن تصمد أمام الرياح أفضل من نهايته الأمامية. يحمي الذيل الأجزاء السفلية الحساسة، بينما يوفر العرف والناصية عزلا ووقاية (ضد الماء) لرأسه ورقبته. الخيول التي تكون في مجموعة تقف معا لمنع الرياح والاستفادة أيضا من دفء أجسام بعضها البعض.
يقول سيد هايدين، الحاصل على الدكتوراة في الطب البيطري، من منطقة سولومون، ايداهو، حيث تنخفض درجة الحرارة في فصل الشتاء إلى 30 درجة تحت الصفر، إن الخيول تكون على ما يرام في الهواء الطلق، حتى في الظروف المناخية القاسية. ويضيف “إنها تتحرك أكثر من الماشية وتبقى على أقدامها أطول (لا ترقد لتجتر طعامها) لذلك هي أقل عرضة للبرودة بسبب الرقود على الأرض المتجمدة”.
إلا أنه في بعض الأحيان، يمكن أن تؤدي البرودة المفرطة أو الاستثنائية إلى لفحة الصقيع. ففي الخيول البالغة، فإن العلامة الوحيدة للفحة الصقيع هي فقدان أطراف الأذن (التي تسقط بعد نحو اسبوع لاحقا).وتتأثر الأمهار التي ولدت بالخارج في الطقس البارد أكثر، بما أنها تكون رطبة عند الولادة ولها القليل جدا من الدهون على الجسم للعزل. وإذا لم يتم العثور عليها بسرعة وتغطيتها، فإن مثل هذه الأمهار ستعاني من انخفاض حرارة الجسم وكذلك منلفحة الصقيع.
صادف هايدن العديد من الآذان والذيول، والأقدام المجمدة في العجول أكثر منها في الأمهار، وذلك أساسا بسبب أن الخيول موسمية التكاثر ولا تولد معظم الأمهارإلا في الربيع أو الصيف. ويقول هايدين ” لكي تولد الأمهار في فصل الشتاء، علينا أن نذهب إلى أقصى درجات إدارة الأفراس (مع إضاءة اصطناعية لتحفيز دورات الحيال أوالشبق ) حتى تلد مبكرا. و يقول أيضا أي شخص يلجأ إلى هذا الجهد عموما ينبغي عليه التأكد من ولادة الأمهار في الداخل، بجانب مراقبة الفرس على مدار 24 ساعة”.
مخاطر لفحة الصقيع
تقول د. كاتارينا لومان، الحاصلة على الدكتوراه ودبلوم الطب البيطري من الكلية الغربية للطب البيطرى في ساسكاتون وساسكاتشوان، إنه على الرغم من برودة فصل الشتاء الشديدة جدا في ساسكاتشوان، إلا أنها لم تر عددا كبيرا جدا من حالات لفحة الصقيع في الخيول. وتضيف ” في الأمهار قد يشاهد فقدان جزئي للآذان والذيول، وأحيانا تسلخ القدمين. كما أن بعض الحيوانات في منطقتنا فقدت بعض أطراف آذانها بسبب لفحة الصقيع”.
و لقد أشارت بالقول: “إن أعلى المخاطر تكون في الأمهار حديثة الولادة”، مضيفة ” إذا كان الناس يعملون على تشبية الأفراس في وقت مبكر مع ولادة الأمهار بالخارج، فإنها قد تصاب بلفحة الصقيع. يستخدم مربو الماشية الذين تولد لهم عجول في وقت مبكر أحيانا القبعات الصغيرة لحماية آذانها، لكن لا يبدو أن أصحاب الخيول يستخدمونها من أجل الأمهار. وتشكك في أن الخيول البالغة التي فقدت أطراف آذانها قد أصيب بلفحة الصقيع مثل الأمهار. إن الأمهار حديثة الولادة التي لا تنهض على الفور تكون الأكثر عرضة للخطر جراء شدة البرودة. ذلك أن مجرد رضاعتها لللبأ و هو أول وجبة حاسمة، ويحتوي على مستوى عال من الطاقة (ضعف الدهون في الحليب العادي)؛ يساعد أجسامهاعلى البقاء دافئة.
وكما سبق، فإن أقدام الأحصنة البالغة تكون قادرة بشكل ملحوظ على تحمل البرد. ويقول لومان اضطلع الدكتور كريس بوليت ببعض الأعمال في دراساته حول مرض التهاب الصفيحة (التهاب الحافر)، وذلك باستخدام الماء المثلج على أقدام الخيول للوقاية من هذا المرض” و يضيف ” شمل هذا البحث زرع أجهزة تحسس لدرجة الحرارة في جدران الحافر مع إيقاف الخيول على الماء المثلج. وعلى الرغم من أن العلاج بالتبريد هذا قد خفض درجة حرارة الحافر على نحو مقدر، إلا أنه لم تلاحظ سريريا آثار سيئة. لقد استطاعت الخيول تحمل الاختبار بشكل جيد للغاية، حتى مع استمرار تبريد الماء لمدة 48 ساعة. لست متأكدا من أننا يمكن استقراء هذه النتائج مباشرة بالنسبة للخيول التي تعيش في الخارج في درجة حرارة 40 تحت الصفر، ولكن يبدو أن أقدامها كانت متحملة للبرودة.
يذكر هايدن مجموعة من الخيول التي عانت قليلا من لفحة الصقيع في أقدامها عندما كانت درجة الحرارة تبلغ 30 فهرنهايت تحت الصفرلمدة أسبوعين، وكانت تقف على ثلج بلغت سماكته ست بوصات دونوقاية. ويقول: ” عثرنا على منطقة محمية (بها بعض الأشجار)، وجرفنا الثلوج بعيدا وكومنا القش على الأرض وكانت الخيول قادرة على الوقوف تحت الأشجار والحصول على حماية لأقدامها.
يكون الحصان أكثر صحة وهو يقف على قدميه وهو يتحرك. و يقول لومان ” إن الحيوانات التي تكون راقدة (غير قادر على القيام) لفترات طويلة قد تكون أكثر عرضة للخطر من الحصان السليم” ويقول ” أما المريض، والضعيف الذي يقضي وقتا طويلا وهو راقد فإنه قد يصاب بلفحة الصقيع بسهولة أكثر من الحصان الذي يتحرك. فعلى سبيل المثال شاهدنا ذلك في بعض الأحيان في الماشية المصابة بالتهاب المفاصل الحاد. وإذا ما كانت راقدة، فإنها يمكن أن تكون منخفضة الحرارة بشدة (جراء الرقود على الأرض المتجمدة)، وقد تتجمد حتى النفوق”.
إن الحيوان ذو الحالة الجسدية البائسة لديه عزل أقل ضد البرودة (دون مخزون من الدهون) ويمكن أن تضعف دورته الدموية. يؤكد لومان على أهمية المأوى والتغذية الكافية لفصل الشتاء. فالحيوانات المريضة أو العطشى و مع الدورة الدموية المعرضة للخطر تكون أكثر عرضة للفحة الصقيع بسبب عدم وصول الدم إلى الأطراف. كما أن أي حيوان مصاب بالإسهال الشديد، على سبيل المثال، يكون أكثر عرضة لتجمد أذنيه، وذيله، و أقدامه.
الأمهار الشابة والخيول العتيقة تكون عموما عرضة للخطر لأن لديها القليل من احتياطي الدهون.أما العوامل الأخرى التي تزيد من خطر الإصابة بلفحة الصقيع فتشمل طول وقت درجة الحرارة (مع الأخذ بعين الاعتبار برودة الرياح)، بالتالي يكون الحيوان عرضة للبرودة والرطوبة. واذا كانت البشرة رطبة و بردت فجأة (كما هو الحال مع الأمهار حديثة الولادة في الهواء الطلق، والحصان الذي يسقط على الجليد، أو الحيوان الرطب جراء العرق أو عاصفة، ثم يتعرض لانخفاض درجات الحرارة قبل أن تكون لديه فرصة ليجف)، فإن هناك المزيد من المخاطر.
التشخيص والعلاج
في حالات لفحة الصقيع، تتشكل بلورات الثلج داخل أغشية الخلايا والأنسجة وبالتالي تتمزق الخلايا وتموت و إذا كان الأمر مجرد طبقات جلد سطحية، فإن هذه الطبقات الخارجية قد يتغير لونها ثم تتسلخ (مثل الحرق السطحي)، ويتعافي الجلد في نهاية المطاف لأن الطبقات العميقة لا تزال حية وبعد الشفاء، لربما يفقد الجلد صبغته. كما أن الأضرار التي لحقت بطبقات أعمق و كذا الأوعية الدموية الدقيقة في تلك الطبقات تؤدي إلى موت الأنسجة على نحو أكثر شمولا.
يقول هايدن إن علامات لفحة الصقيع تشمل أنسجة فاقدة للإحساس (لا يشعر الحيوان بوخزة الدبوس) وفقدان مرونة الجلد. و يضيف “ثم يتحول إلى اللون الأسود. و في الحصان، كما يقول،لا يمكن رؤية السواد ما لم يكن على منطقة ذات لون وردي من الجلد، وتصبح البشرة صلبة و قاسية، مثل الجلد، و تتسلخ في نهاية المطاف. ” ولا تلتئم قط إلا وبها ندوب اذا لم تكن هناك بشرة قابلة للحياة. ليس هناك الكثير مما يمكن القيام به عندما تموت أنسجة الخلايا. وإذا ما كانت لديكم أنتم والطبيب البيطري شكوك بشأن لفحة الصقيع وأنها لم تكن شديدة جدا، فيمكنكم معالجة الحصان عن طريق تدفئة الأنسجة. ويقول لومان ” إننا في بعض الأحيان نرى حيوانات يحضرها أصحابها لأن الأرجل و الآذان متورمة” ويمضي بالقول ” إننا نشك في كونها قد أصببت بلفحة الصقيع والتي لم تقتل تماما الأنسجة” لأنه أثناء عودة الدم إلى الأنسجة فإنه يحدث وذمة أو استسقاء (تورم السوائل)، واحمرار، والتهابات.
يمكن أن يكون هناك نزف تحت الجلد جراء الأنسجة التالفة. و يقول “وفقا لدراسة حول إصابات لفحة الصقيع في العجول (1982-1991، نشرت في عام 1993 في المجلة البيطرية الكندية، مع مراجع إلى دراسات أخرى)، فإن الوذمة بعد جروح لفحة الصقيع كانت نتيجة تغيرات في نفاذية الأوعية الدموية وتعطيل حركة السائل في الأنسجة “، وتضيف: “هناك ضرر مباشر على الأوعية الدموية أثناء التجمد”.
لتشخيص الحصان يفحص الطبيب البيطري المناطق المتضررة لاختبار الإحساس، ويقيم ما إذا كانت الأنسجة لا تزال حية، و كذلك لمعرفة تدفق الدم” و تمضي قائلة ” كثيرا ما نختبر الإحساس في المجموعة التاجية، وفي بعض الأحيان نغرس فيها الإبر لمعرفة ما اذا كانت تنزف وعما إذا كان الحصان يشعر بذلك”. اذا لم تكن كذلك، فإن هذا عادة ما يشير إلى أن الأنسجة ميتة. الشيء الوحيد الآخر الذي رايته الذي يبدو مشابها للفحة الصقيع هو حيوان كانت أوعيته الدموية ملتهبة (متسممة)، بل تسلخت حوافره”.
يقول الأطباء البيطريين إن دراسات مسح العظام وصور الأوعية الدموية مفيدة لتقييم درجة تلف الأنسجة. ففي الدراسة المذكورة آنفا قال العلماء إن الحيوانات التي لديها ألم بأطرافها (عرج أو ألم يستجيب للملامسة) ربما تكون فرصتها أفضل في استعادة وظيفة الأنسجة من تلك التي ليس لديها أطراف مؤلمة (دون إحساس).
تشير لومان “السؤال الكبير هو إلى أي مدى الأنسجة متضررة” وتزيد” التشخيص التفريقي هو وجود غرغرينا ناجمة عن شيء مثل التسمم الأرغوني” وهناك عدد من السموم النباتية (مثل تلك الموجودة في السناج (أحد امراض النبات) والتي تعد من الأمراض الفطرية الطفيلية التي تؤثر على النباتات وتسبب انقباض الأوعية الدموية بالقرب من سطح الجسم.. وقد تتداخل هذه مع الدورة الدموية وتزيد من فرصة فقدان الحصان لأذنيه أو ذيله او قدميه. وأي شيء يعيق الدورة الدموية يمكن أن يضع الخيول تحت طائلة خطر أكبر بلفحة الصقيع، حتى مع درجات الحرارة التي ليست من شأنها أن تكون مقلقة عادة.
مما اتضح سابقا، فإن الأنسجة التي ماتت بسبب لفحة الصقيع يجب أن تسلخ بعيدا أو تزال جراحيا. أما اذا كان ما يزال هنالك بعض الإحساس أو جريان للدم، فإن أفضل علاج هو مجرد التأكد من حصول الحيوان على الدفء وابقائه بالداخل من البرد حتى زوال التورم (للحفاظ على الأنسجة الضعيفة من إعادة التجمد)، وعلاج أي شيء آخر يمكن أن يحدث. و تقول لومان. ” يمكن وصف علاجات الألم مثل دواء بوت (Bute) أو بنامين (Banamine) وكذلك المضادات الحيوية (موضعية أو نظامية) لمنع أو علاج الإصابة في الأنسجة المعرضة للخطر”
ويبدأ هايدن فورا في علاج الحيوانات المريضة التي يشتبه في إصابتها بلفحة الصقيع بهذه الأدوية بسبب خطورة هذه الإصابة. كما يوصي الاطباء البيطريين بالتطعيم ضد التيتانوس، على غرار نصحهم بالنسبة للحيوانات ذات الأنواع الأخرى من الجروح. بعض الخيول قد تتطلب التخدير إذا أثبت أن تذويب الأنسجة مؤل. فالحصان الذي يعاني من ألم لفحة الصقيع قد يهز رأسه (لو كانت أذناه متجمتدان)، قدمه، أو يعض عند المنطقة المصابة.
ليس من المستحسن فرك المناطق المتأذية بالصقيع بقوة (في محاولة لاستعادة الدورة الدموية)، إذ قد يلحق ذلك الضرر بأنسجة الجلد المعرضة للخط. يمكن استخدام المناشف الرطبة الدافئة أو إيقاف الحيوان في دلاء من الماء الدافئ إذا كان هناك قلق إزاء قدميه.
خلاصة القول
في حين أن لفحة الصقيع ليست شائعة في الخيول، إذا كنتم تعيشون في منطقة حيث يمكن أن تتعرض خيولكم لدرجات حرارة منخفضة لفترات طويلة خاصة إذا كان هناك مطر، ثلوج، أو جليد- راقبوا علامات لفحة الصقيع. وفروا حماية أثناء الظروف المناخية القاسية. وإذا وجدتم أن أحصنتكم بها علامات لفحة الصقيع، أخرجوها من البرودة واتصلوا على الطبيب البيطري.