بقلم: نيل كلارسون | ترجمة (الأصالة)
إلى أي مدى تعد الخيول ذكية ؟ إنه سؤال مهم بالنظر إلى علاقتنا الفريدة مع هذه الحيوانات.
كثيرا ما يحاول الناس إلى مقارنات بين القطط والكلاب والخيول. من الصعب المقارنة بين هذه الحيوانات لأن كلا منها يعتمد على مجموعة مختلفة تماما من القيم التطورية.
القطط والكلاب من الحيوانات المفترسة التي لديها رؤية مضبوطة بشكل جيد للمساعدة في الانقضاض على ضحاياها. لديها عدوانية فطرية يمكن إظهارها حتى مع أكثر القطط أو الكلاب الوديعة من خلال المحفزات المناسبة.
تطورت الخيول كحيوانات فريسة أي أنها هي ما يصطاد. تطورت استجابتها الغريزية على الهرب والكثير من تفاعلاتها المعقدة في إطار القطيع من هذه الفرضية الأساسية: إما أن نهرب أو نؤكل!
هناك من يرفض أن الخيول غريزية أكثر منها إدراكية في سلوكها. وبينما تظهر الخيول استجابة غريزية مضبوطة من خلال الهرب، إلا أن هذا الرأي مثير للسخرية لمن يقضي وقتا مع الخيول.
تتعلم الخيول الأوامر ولغة الجسد بسرعة كما أنها تدرك أصوات وقت الوجبة، مثل ضوضاء الدراجة النارية الرباعية التي سيتم تحميلها بالقش أو هدير كسارة الحبوب في سقيفة الأعلاف.
نعم، هناك عقلية القطيع، ولكن هذا ما يمكن ملاحظته في كل أنواع القطيع على هذا الكوكب. العبارة الإزدرائية إلى حد ما تتجاهل أيضا تعقيدات كبيرة داخلة في العلاقات داخل القطيع.
هناك شركة استشارية سويسرية تعمل على تنظيم دورات في سياسة الخيل لاستكشاف ديناميات قطيع الخيول. كانت وجهة نظر الشركة أنه يمكن تعلم الكثير حول كيفية قيادة الناس من خلال الطريقة التي تتصرف بها الخيول في القطيع. وأجرى الاستشاريون مقارنات بين سلوك القطيع والطريقة التي يتم بها تشغيل الشركة.
ما لم يخطئه انتباه أحد بأن رئيس القطيع هي الفرس المسنة وليس الفحل. لم يكن هناك لبس في اتصال الفرس القائدة التي تحظى بثقة أعضاء آخرين من القطيع في حين أن سلوكها قد لا يكسبها دائما الأصدقاء، إلا أنها كانت دائما محترمة من قبل مرؤوسيها.
وقد نظر الباحثون في ثلاثة مجالات رئيسية في محاولة لتقييم ذكاء الخيول هي: قدرة الخيول على حل المشاكل الصعبة بشكل متزايد، والسرعة التي تتعلم بها المهام، وقدرتها على الاحتفاظ بتلك المعرفة.
قد يكون من الصعب قياس هذه المجالات مع اعتماد بعض تقييمات الذكاء على اليقظة، ردة فعل الحصان للمحفزات، سلوكها مع الناس، وتفاعلها مع الخيول الأخرى.
درست الدكتورة إيفلين هانغي الرئيس والمؤسس المشترك للمؤسسة غير الربحية لبحوث الخيول ذكاء الخيول على نطاق واسع. تقول كثيرا ما يساء فهم الإدراك والتصور في الخيول.
تقول الدكتورة ايفلين: ” يزعم الناس أن الخيول تتفاعل فقط بالفطرة أي أنها حيوانات ذات استجابات مشروطة فقط، وأنها تفتقر للقدرة المعرفية المتقدمة، وأن لديها قدرات بصرية متواضعة. حتى وقت متأخر نسبيا كان هناك القليل من الأدلة العلمية للتصدي لمثل هذه المعتقدات. ولقد ازداد الاهتمام الجماهيري والعلمي بتعلم وإدراك الخيول.
تبين مراجعة الأدبيات العلمية، فضلا عن الخبرة العملية، أن الخيول تتفوق في أشكال التعلم البسيطة وهو أمر ليس بمستغرب بالنظر إلى قابليتها للتدريب.
استطاعت مؤسسة بحوث الخيول في الآونة الأخيرة وعلى نحو غير متوقع من قبل الكثيرين حل تحديات إدراكية متقدمة تشمل التعلم الفئوي ودرجة معينة من تشكيل المفهوم.
تقول الدكتورة هانغي إن الفهم الشامل لقدرات التعلم لدى الخيول ضروري لضمان تلقي هذا النوع للتدريب المناسب والسياسة والرعاية.
تقليديا نادرا ما تصنف الخيول بأنها ذكية وحتى اليوم تؤثر الثغرات في المعرفة، والخرافات والمفاهيم الخاطئة ومحدودية البحوث على كيفية فهم الخيول أو إساءة فهمها من قبل الجمهور وصناعة الفروسية وحتى المجتمع العلمي.
تقول المعتقدات الشائعة إن الخيول لديها دماغ بحجم حبة الجوز وأنها لا تفكر وأنها مجرد حيوانات ذات استجابات مهيأة وأن الخيول لا تعمم وليس لديها حس التصور وأن الخيول مصابة بعمى الألوان ولديها فطنة وعمق إدراك بائسين، ولا يمكنها نقل المعلومات من عين إلى الأخرى.
في الواقع لا تحاول الخيول المهام الإدراكية اليومية العادية فحسب وإنما التحديات العقلية أيضا. في البرية، يجب عليها التعامل مع المواد الغذائية والمياه ذات النوعية غير المتناسقة أو التوزيع الذي لا يمكن التنبؤ به، والحيوانات المفترسة التي تغير المواقع والعادات، والنظام الاجتماعي الذي يجب فيه اكتشاف وتذكر هويات وأدوار الأفراد.
الخيول المستأنسة قد تواجه تحديات أكبر بالنظر إلى أنها تعيش في بيئات غير مناسبة إلى حد كبير أو مصطنعة. يجب عليها كبح الغرائز أثناء تعلم المهام التي ليست سلوكيات طبيعية، ويجب أن تتعايش مع البشر الذين يتصرفون أحيانا بشكل غريب – على الأقل من وجهة نظر الفروسية.
ومن المعروف أن الخيول تتعلم من:
- التعويد: هذا هو المكان الذي يتعود عليه الحصان بعد التعرض المتكرر للمحفزات وتقل ردود فعله أو تختفي. في حين أن هذا قد ينطوي على التفاعل البشري، فإنه ينطبق على أي شيء في البادوك، مثل الرياح والثلوج، أو البرد. قد يكون هذا نموذج بسيط للتعلم ولكن من المهم أن يتيح للحصان تنقيح المعلومات غير الحيوية وبالتالي تمكينه من التركيز على الأمور الأكثر أهمية.
- تقليل الحساسية: الحيوانات شديدة الحساسية يمكن أن تنزع عنها فرط الحساسية عن طريق تعويدها على زيادة المحفزات. على سبيل المثال قد يضع المدرب تدريجيا اللجام على الحصان ويتراجع إذا تبين أن استجابة الحصان غير مواتية. إذا تعلم الحصان بشكل صحيح فإنه سوف يتعلم قبول اللجام عن طيب خاطر. ومن خلال كل هذه الأشكال يمكن تعويد الحصان على عوامل التوتر الرئيسية مثل إطلاق النار.
- تهيئة بافلوف: هذا هو المكان الذي يصبح الحصان فيه مهيأ لإعطاء استجابة معينة. تقدم الدكتورة هانغي مثالا على المدرب الذي يزاوج كلمة “خبب” بالتلويح بالسوط لجعل الحصان ينتقل إلى الهرولة. من خلال عمل ذلك باستمرار يستجيب الحصان في نهاية المطاف إلى الإشارة اللفظية دون الحاجة لاستخدام السوط. كما يمكن أن يكون استخدام المواد الغذائية للتعزيز أو حتى استخدام كلمة “جيد” كجزء من هذه عملية التهيئة هذه.
- التهيئة الفعالة: الخيول فعالة في هذا النوع من التعلم وهو جزء أساسي من تقنيات التدريب. عندما يبدأ الحصان في تعلم معنى حافز جديد فإن استجابته تكون عشوائية في البداية ومن خلال التجربة والخطأ سوف يقدم الاستجابة المطلوبة. المدرب الذي يستخدم التعزيز الإيجابي في اللحظة المناسبة يشجع الحصان على تكرار السلوك. يكون تكراره في البداية ضربا من الخطأ والصواب ولكن مع استمرار استخدام التعزيز الإيجابي يتعلم الحصان الاستجابة المناسبة للتحفيز. يمكن للتهيئة الفعالة أن تكون فعالة أيضا من خلال تشجيع الحصان على فعل شيء يكون مدركا لتجنب شيء يكرهه.
تقول الدكتورة هانغي يجب على المدربين والسائسين تضمين الاستخدام الذكي لكلا من التعزيز الإيجابي والسلبي في برنامج متوازن. الآراء التي تقول إن الخيول لديها قدرة مكانية متواضعة هي ببساطة ليست مدعومة بالأدلة، كما تقول.
وتشير هانغي أيضا إلى أن أصحاب الخيول المتيقظين أشاروا إلى كيف أن الخيول تجد طريقها في المناطق التي زاروها فقط بشكل غير منتظم. تكون للخيول ردة فعل بشكل ملحوظ عندما يتم نقل الأشياء من البيئة المحيطة بها. وكما تقول تؤدي الخيول أداء جيدا في المهام القائمة على التمييز المكاني.
ثم ماذا عن الرأي القائل بأن الخيول لا يمكنها التعرف على شيء رأته بإحدى العينين بالعين الأخرى؟ هذه خرافة تستخدم لشرح لماذا تضطرب الخيول عندما تباغت بنفس الشيء عند النظر إليه من اتجاهات مختلفة. وقد أثبتت الأبحاث أن الخيول يمكنها نقل المعلومات البصرية من إحدى العينين إلى الأخرى.
إحدى النظريات التي تفسر لماذا تضطرب الخيول في مثل هذه الظروف هو أنها قد لا تدرك دائما أن الجسم هو نفسه عندما تنظر إليه من زوايا مختلفة.
الخيول حيوانات اجتماعية مريحة في رفقة خيول أخرى. وكشفت إحدى الدراسات أن 72٪ من الملاّك المشاركين يعتقدون أن السلوكيات الشاذة يتم تعلمها من خلال مراقبة الخيول الأخرى. إلا أنه لم يجر أي بحث لاثبات ذلك ومن الصعب قبول أن الخيول لا يمكنها التعلم من خلال الملاحظة في أي وضع.
كثير من أصحاب الخيول يعتقدون وبعضهم يجادل البعض بشدة، أن قدرات التعلم لدى الخيول لا تتجاوز نطاق التعلم الترابطي والذاكرة.
وعلى الرغم من أن قدرا كبيرا من السلوك المعرفي يمكن تفسيره بهذه الآليات إلا أنه من الأهمية بمكان ومن أجل رفاهية الخيول دراسة ما إذا كانت تمتلك قدرات تعلم أكثر تقدما.
إذا أسيء فهم القدرات المعرفية للخيول أو استخف بها أو بولغ فيها فإن التعامل معها قد يكون غير ملائم أيضا. لا تعتمد رعاية الخيول فقط على الراحة الجسدية وإنما على الراحة النفسية كذلك.
إن حصر حيوان مفكر في اسطبل مظلم ليس به أو به القليل من التفاعل الاجتماعي و لا يوجد به تحفيز عقلي يعد ضارا مثله مثل توفير تغذية غير كافية أو استخدام أساليب تدريب مهينة. وبالتالي، فإنه من مصلحة الخيول والبشر أن يكون هناك فهم أفضل لنطاق تفكير الخيول.
بالمقارنة مع بحوث الإدراك في الحيوانات الأخرى فإن القليل من الأبحاث المتقدمة في تعلم الخيول قد أنجز، وهو أمر غريب بالنظر لأهمية الخيول بالنسبة البشر.
تقول الدكتورة هانغي إن المؤسسة ظلت تعمل على تغيير هذا الوضع على مدى السنوات ال 15 الماضية، واعتبرت من كبار الباحثين في القدرات المعرفية المتقدمة في الخيول. من المهم أن تركز الأبحاث على التعلم الفئوي والمفاهيمي. وتضيف بأن هذه الدراسات رائدة في مجال قدرات التعلم المتقدمة وتبين أن الخيول قادرة أكثر بكثير مما يعتقد كثير من الناس.
ترى الدكتورة هانغي أنه حتى وقت قريب تم إيلاء القليل من الاعتبار حول لماذا تتصرف الخيول هكذا، إلا أنه خلال العقد الماضي حدث تطور هائل في صناعة الفروسية.
لقد أتاحت المؤتمرات والمقالات والبحوث، عروض الخيل والعيادات، والإنترنت، والتلفزيون، والمجلات، والكتب، وأشرطة الفيديو، والجولات في جميع أنحاء العالم الآفاق التعليمية على نحو لم يسبق له مثيل من قبل.
ومن سائسي الخيول المهرة إلى المبتدئين المذهولين فإن الفرصة أمام الجميع للمضي قدما في تطوير معارفهم حول إدراك الخيول، وسلوكها وتدريبها ورعايتها.
لسوء الحظ، وكما هي الطبيعة البشرية، فإن بعض سلطات الفروسية تستفيد من أولئك الذين يتطلعون للحصول على المعلومات، وخلق شخصية أقرب لصنع المعجزات. الأمر متروك لكل شخص ليميز بين الصادق والمصطنع في البحث عن الحقيقة وسط الزعم غير المؤسس وأن يصبح انتقائيا في عالم الخيول
الحصان دهب في تربيتهادا لم تكن انسان دات لا احساس
مقال شيق بارك الله فيكم