أقام الفنان العراقي علي المعمار، معرضه الشخصي الجديد، تحت عنوان (صهيل في زمن الصمت)، الذي نظمته الجمعية القطرية للفنون التشكيلية.
وقد ضم المعرض على (20) لوحة زيتية، استلهم خلالها موضوع الخيول في تكوينات متنوعة وجميلة، بعيدة عن حياتها الجامدة، وكأننا نسمع صهيلها وهي تبسق بقاماتها الرائعة، ويبدو للرائي لها بانها تسبح في عنان الفضاء.
الفنان المعمار لم يقدم خيوله على انها موديل عادي، أو صورة فوتوغرافي، كالتي نشاهدها في جميع وسائل الاعلام، وهي تركض أو تأكل الحشيش أو يمتطيها الفارس.. بل جعل منها رمزاً حيوياً متميزاً، أراد من خلاله أن يعطي الحصان مفهوماً جمالياً وموضوعياً معاصراً جديداً، فضلاً لترسيخ هوية الاسلوب الفني للفنان نفسه.
ويعد الفنان علي المعمار واحد من أهم الفنانين المتميزين في رسم الخيول في العالم، بما تتمتع من معاني التعبيرية الواقعية والخيال الرومانسي الشفاف. عن ماهية هذا الموضوع، يستخلص المعمار: حاولت أن أتجاوز في أعمالي الفنية ومنذ أن تميزت برسم (الحصان العربي ) الذهاب الى أبعد من الشكل الجمالي لهذا الكائن الذي يعني في تراثنا العربي الكثير من المعاني والقيم النبيلة واللامتناهية، فكانت لوحاتي عبارة عن أجزاء من قصص إنسانية في أجواء درامية مليئة بالانفعال أحيانا والسكون أحيانا أخرى. فهي تعيش تحت إنارة أشبه بخشبة المسرح، وفي فترات أخرى كانت الواقعية السحرية المشبعة بعالم الأسطورة تطفئ أحيانا أخرى، كل هذا كان يدور في فلك الإنسان، الذي هو ما أعنيه دائما في لوحاتي سواء كانت واقعية أو رمزية أو تعبيرية مجردة… فكانت معاني الكبرياء والألم الإنساني والصهيل الصامت مجسدة في معظم تلك الأعمال، وأنا مستمر في طرح وتناول هذه المفردة التي بدأت تبتعد عن المفهوم المباشر الى فضاءات من الحرية في التعبير بواسطة اللون والتكنيك.. وهناك قضية مهمة وهي التي ستكون محور أعمالي في المستقبل والتي لها امتداد في بعض الأعمال السابقة وهي ( سقوط الحصان) وهنا أحاول أن أجد رابطا بين الإنسان الذي يبحث عن قيم العدالة والحق في هذا العالم وما يرمز اليه هذا السقوط أو الكبوة التي تعني الكثير من الدلالات الرمزية أو التعبيرية في تراثنا.. الإيحاء بسقوط متكرر للأخلاقيات والمعاني السامية (شخصية الفارس النبيل) والمجسدة بالحصان نفسه في عالمنا المادي المعاصر.
ويواصل المعمار.. منذ ان بدأت تجربتي في عالم الخيل العربية وأنا أسعى وأبحث دائماً لتطوير مهاراتي الفنية واكتساب المزيد من المعرفة والاطلاع على كل تفاصيل هذا العالم والتنقل بين صفحات التاريخ لتسليط الضوء على الخفايا والاسرار وتلك القصص الرائعة لما كان يدور بين الخيل و أصحابها أو عشاقها.. والتي في كثير من الاحيان أوحت لي بالعديد من اللوحات التي شكلت محطات مهمة في مسيرتي الفنية، ومن خلال سفري بين بلدان العالم أن كان للسياحة أو كانت لزيارة عمل قصيرة، فاني أحاول دائماَ ان أجد متسعاً من الوقت لمشاهدة اي أثر أو مكان له علاقة بعالم الخيل أو التحدث مع كل من لديه قصة أو معلومة ممكن ان تضيف الى خبرتي وتجربتي الفنية انطباعا او فكرة ولو بشكل مختصر.
أن الفنان الذي يسعى أن يكون متخصصاً في هذا المجال يجب عليه أولاً أن يكون لديه أحساس أو دراية كاملة بمعايير الجمال الحقيقية للحصان العربي وأن يجتهد لان يكون له أسلوبه الخاص وأن يترك شيئاً مميزاً في لوحاته… لقد كنت محظوظاً لأنني ألتقيت بالعديد من الرسام المتخصصين بالحصان العربي حول العالم وكان لي شرف مقابلة البعض منهم وقد ساعدني كثيراً هذا الامر في صقل تجربتي، وأعتقد بأني نجحت في أن أجد لنفسي مكاناً مميزاً بين هؤلاء الفنانين حول العالم، وهذا بشهادة العديد من المختصين في هذا المجال. والان وبعد أن انتقلت للإقامة في كندا منذ أكثر من سنتين ونصف.. حدث تغيير مميز وواضح في أعمالي الفنية، إذ بدأت الافكار والموضوعات تسير باتجاه أكثر ديناميكية وتجدد وكان تأثير الطبيعة الساحرة في كندا واضحاً في معظم اللوحات التي أنجزتها.. وإني أقول دائماً بأن أجمل لوحاتي لم تنجز بعد ولديّ المزيد من الافكار والقصص التي تتجدد يومياً.
الفنان العراقي دائما متميز في كل مكان