قصص طريفة أشبه بالأفلام، ظلت تروى في مختلف الأزمان، حتى أضحت أمثالا تضرب للناس. تعكس مدى اهتمام العرب بخيلهم وأنسابها، وأنهم يبذلون الجهد في المحافظة عليها. والأسطر في الأدنى تحكي قصة المثل أعلاه..
قيل إنه كانت لفارس من فرسان البدو فرس مشهورة في القبائل، وكان صاحبها شديد الكلف بها، يعزها معزة عظيمة, ويخصها بعناية خاصة بالمقارنة بجياده الأخرى، ويحرص عليها من السرقة حرصاً دقيقاً، فيجعل القيد في رجليها ويديها ليلا ونهاراً.
وبهذه الإجراءات الصارمة كان صاحب الفرس يظن أن فرسه في مأمن من السرقة، وهو لا يعلم أن فارسا من قبيلة أخرى كان قد عقد العزم على الحصول عليها بكل إصرار، وأنه كان قد وجه لصا محترفًا لسرقتها، وأن هذا اللص كان قد عمل مستخدما لدى أحد أفراد قبيلة صاحب الفرس ليرعى إبله، ومن خلال عمله هذا كان يترصد الفرص لسرقة الفرس، وبعد بضعة أشهر واتته الفرصة..
ففي ذات يوم تخلف صاحب الفرس عن منزله بعض الوقت فشفقت ابنته على الفرس وفكت قيدها، بغية إعطائها الفرصة للتجول بحرية, وهي لا تعلم شيئا من أمر اللص الذي ما أن رأى الفرس طليقة من قيودها، حتى أسرع وقفز على ظهرها وركلها بساقيه فعدت تنهب الأرض نهبا. فضج الحي وركب الفرسان يطلبونه، وكان ابن صاحب الفرس معهم وهو يمتطي حصانا غير معلوم النسب يدعى بليق، كما حضر في الوقت المناسب صاحب الفرس المسروقة وتحته فرس كريمة من خيله فاشترك في مطاردة السارق.
ولما تزاحمت الخيل في أثر السارق، وطال عليها المسير وتعبت، ابتدأ الفرسان بالتقهقر، ولم يبق سوى صاحب الفرس المسروقة وابنه اللذان كانا يجدان وراء اللص، حتى اقتربا منه عند العصر، وكان الابن أقرب إليه من والده، وكان أن يدرك السارق ويطعنه في ظهره، فلما رأى والده ذلك؛ فضل أن ينجو السارق بالفرس الأصيلة من أن يسترجعها الحصان بليق، ويقول العرب أن بليقا غير الأصيل لحق بفرسه الأصيلة وردها.
وكان اللص قد اقترب من أرض موحلة، فناداه صاحب الفرس بأعلى صوته قائلاً: دون الغبط. أي: سر في الأرض الموحلة، وإلا فضحت الكحيلة. فعمل اللص بمشورة صاحب الفرس ووجهها إلى الأرض الموحلة. فذهبت لا تعبأ بصعوبة، وأراد الابن اللحاق به، غير أن الفرس غير النجيبة التي يركبها خانته في تلك الأرض الموحلة، ورجع الفتى إلى والده يلومه على فعله فأجابه والده: تُسبى ولا يردها بليق. فصارت مثلا.