قصدنا من سياحتنا داخل هذا الحديث؛ تبيين مدى صعوبة مهنة سائس الخيل، حتى نعطي أولئك الجنود المجهولين، جزءا مما يستحقون، نظير هذا العمل الكبير الذي يقومون به. ففي صحيح مسلم؛ عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: “كنتُ أخدمُ الزبيرَ خدمةَ البيتِ. وكان لهُ فرسٌ. وكنتُ أسوسُه. فلم يكن من الخدمةِ شيٌء أشدُّ عليَّ من سياسةِ الفرسِ. كنتُ أحتشُّ لهُ وأقومُ عليهِ وأسوسُه. قال ثم إنها أصابت خادما. جاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سبْيٌ فأعطاها خادما. فقالت: كفَتْنِي سياسةَ الفرسِ. فألقت عني مؤنتَه …”
فأما (أحتش له) فمعناها أجزّ له الكلأَ والحشيشَ. و(أقوم عليه)؛ أي أرعاه. وقد جاء في المعاجم أن سائس الخيل هو الذي يروضها ويدربها، ويعتني بها، ويدبر أمورها. والمعروف أن سائس الخيل يعمل تحت إشراف المربي، حيث يقوم بترويض الخيول وتنظيفها، وشد السروج، وتدريبها لغايات الجري وألعاب الفروسية، بحسب تعليمات المدرب. وينفذ برنامجا يوميا للخيول؛ فيغسلها، ويحك أجسامها باستخدام أدوات وأمشاط الحك، ويسرح شعرها، ويتابع وجباتها. وأعمال تنظيف الحظائر، ويهتم بالشروط الصحية، وتعليمات والسلامة. فيا لها من مهمة صعبة.
قال شاعر بني عامر (وبنو عامر مجموعة كبيرة من القبائل العدنانية من قبيلة هوازن):
بني عامر مالي أرى الخيل أصبحت … بطاناً وبعض الضر للخيل أمثل
بني عامر إن الخيول وقاية … لأنفسكم والموت وقت مؤجل
أهينوا لها ما تكرمون وباشروا … صيانتها والصون للخيل أجمل
متى تكرموها يكرم المرء نفسه…. وكل امرئ من قومه حيث ينزل